وقوله تعالى :
ذلك أي أمر الحياة الدنيا المفهوم من الكلام ولذا ذكر اسم الإشارة ، وقيل : أي ما أداهم إلى ما هم فيه من التولي وقصر الإرادة على الحياة الدنيا ، وقيل : ذلك إشارة إلى الظن الذي يتبعونه ، وقيل : إلى جعلهم الملائكة بنات الله سبحانه وكلا القولين كما ترى
مبلغهم من العلم أي منتهى علمهم لا علم لهم فوقه اعتراض مقرر لمضمون ما قبلها من قصر الإرادة على الحياة الدنيا .
والمراد بالعلم مطلق الإدراك المنتظم للظن الفاسد ، وضمير
مبلغهم - لمن - وجمع باعتبار معناه كما أن إفراده قبل باعتبار لفظه ، وقوله سبحانه :
إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى تعليل للأمر بالإعراض ، وتكرير قوله تعالى : ( هو أعلم ) لزيادة التقرير والإيذان بكمال تباين المعلومين ، والمراد ( بمن ضل ) من أصر على الضلال ولم يرجع إلى الهدى أصلا ، ( وبمن اهتدى ) من شأنه الاهتداء في الجملة ، أي هو جل شأنه المبالغ في العلم بمن لا يرعوي عن الضلال أبدا ، وبمن يقبل الاهتداء في الجملة لا غيره سبحانه فلا تتعب نفسك في دعوتهم ولا تبالغ في الحرص عليها فإنهم من القبيل الأول :