وقوله تعالى :
وأصحاب اليمين إلخ شروع في بيان تفاصيل شؤونهم بعد بيان تفاصيل شؤون السابقين «وأصحاب » مبتدأ وقوله :
ما أصحاب اليمين جملة استفهامية مشعرة بتفخيمهم والتعجيب من حالهم وهي على ما قالوا : إما خبر للمبتدأ ، وقوله سبحانه :
في سدر مخضود خبر ثان له ، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هم في سدر ، والجملة استئناف لبيان ما أبهم في قوله عز وجل : ما ( أصحاب اليمين ) من علو الشأن ، وإما معترضة والخبر هو قوله تعالى شأنه :
في سدر وجوز أن تكون تلك الجملة في موضع الصفة والخبر هو هذا الجار والمجرور ، والجملة عطف على قوله تبارك وتعالى في شرح أحوال السابقين :
أولئك المقربون في جنات النعيم [الواقعة : 11 ، 12] أي
وأصحاب اليمين المقول فيهم ما
أصحاب اليمين كائنون
في سدر إلخ ، والظاهر أن التعبير بالميمنة فيما مر ، وباليمين هنا للتفنن ، وكذا يقال في المشأمة والشمال فيما بعد ، وقال
الإمام : الحكمة في ذلك أن في الميمنة وكذا المشأمة
[ ص: 140 ] دلالة على الموضع والمكان والأزواج الثلاثة في أول الأمر يتميز بعضهم عن بعض ويتفرقون بالمكان فلذا جيء أولا بلفظ يدل على المكان وفيما بعد يكون التميز والتفرق بأمر فيهم فلذا لم يؤت بذلك اللفظ ثانيا ، والسدر شجر النبق ، والمخضود الذي خضد أي قطع شوكه ، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة قال :
«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إن الله تعالى ينفعنا بالأعراب ومسائلهم أقبل أعرابي يوما فقال : يا رسول الله لقد ذكر الله تعالى في القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها قال : وما هي ؟ قال : السدر فإن له شوكا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أليس الله يقول : في سدر مخضود خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة وأن الثمرة من ثمره تفتق عن اثنين وسبعين لونا من الطعام ما فيها لون يشبه الآخر ».
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك أنه الموقر حملا على أنه في خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب فمخضود مثني الأغصان كني به عن كثير الحمل .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن
يزيد الرقاشي أن النبقة أعظم من القلال والظرفية مجازية للمبالغة في تمكنهم من التنعم والانتفاع بما ذكر
وطلح منضود قد نضد حمله من أسفله إلى أعلاه ليست له ساق بارزة وهو شجر الموز كما أخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وهناد nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه ، وأخرجه جماعة من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه قال : ليس بالموز ولكنه شجر ظله بارد رطب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : شجر يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر أحلى من العسل ، وقيل : هو شجر من عظام العضاه ، وقيل : شجر أم غيلان وله نوار كثير طيب الرائحة
وظل ممدود ممتد منبسط لا يتقلص ولا يتفاوت كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ، وظاهر الآثار يقتضي أنه ظل الأشجار .
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654502«إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرؤوا إن شئتم وظل ممدود ».
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664817«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وذلك الظل الممدود ».
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق ظلها قدر ما يسير الراكب في كل نواحيها مائة عام يخرج إليها أهل الجنة وأهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا فيرسل الله تعالى ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال : هذا الظل من سدرها وطلحها ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر عن
عمرو بن ميمون أنه قال : الظل الممدود مسيرة سبعين ألف سنة
وماء مسكوب قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان وغيره : جار من غير أخاديد ، وقيل : منساب حيث شاؤوا لا يحتاجون فيه إلى سانية ولا رشاء وذكر هذه الأشياء لما أن كثيرا من المؤمنين لبداوتهم تمنوها ، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : كانوا يعجبون بوج وظلاله من طلحه وسدره فأنزل الله تعالى :
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود إلخ ، وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك «نظر المسلمون إلى وج فأعجبهم سدره وقالوا : يا ليت لنا مثل هذا فنزلت هذه الآية ».
[ ص: 141 ] وقيل : كأنه لما شبه حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن من كونهم على سرر تطوف عليهم خدامهم بأنواع الملاذ شبه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البوادي من نزولهم في أماكن مخصبة فيها مياه وأشجار وظلال إيذانا بأن التفاوت بين الفريقين كالتفاوت بين أهل المدن والبوادي ، وذكر
الإمام مدعيا أنه مما وفق له أن قوله تعالى :
في سدر مخضود وطلح منضود من باب قوله سبحانه : (
رب المشرق والمغرب ) [الشعراء : 28 ، المزمل : 9] لأن السدر أوراقه في غاية الصغر والطلح يعني الموز أوراقه في غاية الكبر فوقعت الإشارة إلى الطرفين فيراد جميع الأشجار لأنها نظرا إلى أوراقها محصورة بينهما وهو مما لا بأس به ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه ،
وجعفر بن محمد وعبد الله رضي الله تعالى عنهم «وطلع » بالعين بدل
وطلح بالحاء ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في المصاحف
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
قيس بن عباد قال : قرأت على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه
وطلح منضود فقال : ما بال الطلح ؟ أما تقرأ وطلع ، ثم قرأ قوله تعالى :
لها طلع نضيد [ق : 10] فقيل له : يا أمير المؤمنين أنحكها من المصحف ؟ فقال : لا يهاج القرآن اليوم وهي رواية غير صحيحة كما نبه على ذلك
الطيبي ، وكيف يقر أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه تحريفا في كتاب الله تعالى المتداول بين الناس ، أو كيف يظن بأن نقلة القرآن ورواته وكتابه من قبل تعمدوا ذلك أو غفلوا عنه ؟ هذا والله تعالى قد تكفل بحفظه سبحانك هذا بهتان عظيم .
ثم إن الذي يقتضيه النظم الجليل كما قال
الطيبي : حمل
في سدر مخضود إلخ على معنى التظليل ، وتكاثف الأشجار على سبيل الترقي لأن الفواكه مستغنى عنها بما بعد وليقابل قوله تعالى :
وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم [الواقعة : 41 - 43] قوله سبحانه :
وأصحاب اليمين إلخ فإذن لا مدخل لحديث الطلع في معنى الظل وما يتصل به لكن قال صاحب الكشف : إن وصف الطلح بكونه منضودا لا يظهر له كثير ملاءمة لكون المقصود منفعة التظليل وينبغي أن يحمل الطلح على أنه من عظام العضاه على ما ذكره في الصحاح فشجر أم غيلان والموز لا ظل لهما يعتد به ، ثم قال ولو حمل الطلح على المشموم لكان وجها انتهى ، وقد قدمنا لك خبر سبب النزول فلا تغفل