قوله تعالى :
وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما إلى آخره للزوم التكرار ، وأجيب بأن المراد بالأول
[ ص: 145 ] وصفهم بالثبات على القسم الكاذب وبالثاني وصفهم بالاستمرار على الإنكار والرمز إلى استدلال ظاهر الفساد مع أنه لا محذور في تكرار ما يدل على الإنكار وهو توطئة وتمهيد لبيان فساده ، والمراد بقولهم : - كنا ترابا وعظاما - كان بعض أجزائنا من اللحم والجلد ونحوهما ترابا وبعضها عظاما نخرة ، وتقديم التراب لأنه أبعد عن الحياة التي يقتضيها ما هم بصدد إنكاره من البعث ، - وإذا - متمحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى :
أإنا لمبعوثون لا مبعوثون نفسه لتعدد ما يمنع من عمل ما بعده فيما قبله - وهو نبعث - وهو المرجع للإنكار وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيص إنكاره به فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه في حالة منافية له بالكلية وهذا كالاستدلال على ما يزعمونه ، وتكرير الهمزة لتأكيد النكير وتحلية الجملة بأن لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد ، وقوله سبحانه :
أوآباؤنا الأولون عطف على محل - إن - واسمها أو على الضمير المستتر في مبعوثون وحسن للفصل بالهمزة وإن كانت حرفا واحدا - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري - ولا يضر عمل ما قبل هذه الهمزة في المعطوف بعدها لأنها مكررة للتأكيد وقد زحلقت عن مكانها ، وقولهم : الحرف إذا كرر للتأكيد فلا بد أن يعاد معه ما اتصل به أولا أو ضمير لا يسلم اطراده لورود : «ولا - للما - بهم أبدا دواء » وأمثاله ، وجوز أن يكون ( آباؤنا ) مبتدأ وخبره محذوف دل عليه ما قبل أي مبعوثون ، والجملة عطف على الجملة السابقة وهو تكلف يغني عنه العطف المذكور والمعنى - أيبعث أيضا آباؤنا - على زيادة الاستبعاد يعنون أنهم أقدم فبعثهم أبعد وأبطل ، وقرأ
قالون nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر «أو آباؤنا » بإسكان الواو وعلى هذه القراءة لا يعطف على الضمير إذ لا فاصل .