نحن جعلناها تذكرة استئناف معين لمنافعها أي جعلناها تذكيرا لنار جهنم حيث علقنا بها أسباب المعاش لينظروا إليها ويذكروا بها ما أوعدوا به ، أو جعلناها تذكرة وأنموذجا من جهنم لما في الصحيحين وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عنه صلى الله تعالى عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=653025«ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم » وعلى الوجهين التذكرة من الذكر المقابل للنسيان ولم ينظر في الأول إلى أنها من جنس نار جهنم أولا وفي الثاني نظر إلى ذلك ، وقيل : تبصرة في أمر البعث لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر المضاد لها قادر على إعادة ما تفرقت مواده ، وقيل : تبصرة في الظلام يبصر بضوئها ، وفيه أن التذكرة لا تكون بمعنى التبصرة المأخوذة من البصر وكون المراد تذكرة لنار جهنم هو المأثور عن الكثيرين ، ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ومتاعا ومنفعة
للمقوين للذين ينزلون القواء وهي القفر من أقوى دخل القواء كأصحر دخل الصحراء وتخصيص المقوين بذلك لأنهم أحوج إليها فإن المقيمين ، أو النازلين بقرب منهم ليسوا بمضطرين إلى الاقتداح بالزناد .
وقيل :
للمقوين أي المسافرين ، ورواه جمع عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وعبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة بزيادة كم من قوم قد سافروا ثم أرملوا فأججوا نارا فاستدفئوا وانتفعوا بها ، وكان إطلاق المقوين على المسافرين لأنهم كثيرا ما يسلكون القفراء والمفاوز ، وقيل :
للمقوين للفقراء يستضيئون بها في الظلمة ويصطلون من البرد كأنه تصور من حال الحاصل في القفر الفقر ، فقيل : - أقوى - فلان أي افتقر كقولهم أترب وأرمل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : للجائعين لأنهم أقوت أي خلت بطونهم ومزاودهم من الطعام فهم يحتاجون إليها لطبخ ما يأكلون وخصوا - على ما قيل - لأن غيرهم يتنعم بها لا يجعلها متاعا ، وتعقب بأنه بعيد لعدم انحصار ما يهمهم ويسد خلتهم فيما لا يؤكل إلا بالطبخ ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : المقوين المستمتعين بها من الناس أجمعين المسافرين والحاضرين يستضيئون بها ويصطلون من البرد وينتفعون بها في الطبخ والخبز ، قال العلامة
الطيبي والطبرسي : وعلى هذا القول - المقوي - من الأضداد يقال للفقير : مقو لخلوه من المال ، وللغني مقو لقوته على ما يريد يقال : أقوى الرجل إذا صار إلى حال القوة والمعنى متاعا للأغنياء والفقراء لأنه لا غنى لأحد عنها انتهى .
وفيه بحث لا يخفى ، ولعل الأقرب عليه أنه أريد بالإقواء الاحتياج والمستمتع بها محتاج إليها فتدبر ، وتأخير هذه المنفعة للتنبيه على أن الأهم هو النفع الأخروي وتقديم أمر الماء على أمر النار لأن الاحتياج إليه أشد وأكثر والانتفاع به أعم وأوفر ، وقال بعضهم : قدم أمر خلق الإنسان من نطفة لأن النعمة في ذلك قبل النعمة في الثلاثة بعد ، ثم ذكر بعده ما به قوام الإنسان من فائدة الحرث وهو الطعام الذي لا يستغني عنه الجسد الحي وذلك الحب الذي يختبز فيحتاج بعد حصوله إلى حصول الماء ليعجن به فلذا ذكر بعده ثم إلى النار لتصيره خبزا فلذا ذكرت بعد الماء وهو كما ترى ، واستحسن بعضهم من القارئ أن يقول بعد كل جملة استفهامية من الجمل السابقة : بل أنت يا رب ، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه عن
حجر المروي [ ص: 151 ] قال : بت عند
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم تعالى وجهه فسمعته وهو يصلي بالليل يقرأ فمر بهذه الآية
أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون فقال : بل أنت يا رب ثلاثا ، ثم قرأ
أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون فقال : بل أنت يا رب ثلاثا ، ثم قرأ
أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون فقال : بل أنت يا رب ثلاثا ، ثم قرأ
أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون فقال :
بل أنت يا رب ثلاثا ، وأنت تعلم أن في استحسان قول مثل ذلك في الصلاة اختلافا بين العلماء.