وتجعلون رزقكم شكركم
أنكم تكذبون تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا ، أخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه
nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء في المختارة وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم هو إما إشارة منه عليه الصلاة والسلام إلى أن في الكلام مضافا مقدرا أي شكر رزقكم أو إشارة إلى أن الرزق مجاز عن لازمه وهو الشكر ، وحكى
الهيثم بن عدي أن من لغة أزدشنوءة ما رزق فلان فلانا بمعنى شكره ، ونقل عن
الكرماني أنه نقل في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن الرزق من أسماء الشكر واستبعد ذلك ولعله هو ما حكاه الهيثم ، وفي البحر وغيره أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كرم الله تعالى وجهه
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس قرآ - شكركم - بدل ( رزقكم ) وحمله بعض شراح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على التفسير من غير قصد للتلاوة وهو خلاف الظاهر ، وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
أبي عبد الرحمن السلمي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=681878قرأ nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه «الواقعة » في الفجر فقال : «وتجعلون - شكركم - أنكم تكذبون » فلما انصرف قال : إني قد عرفت أنه سيقول قائل لم قرأها هكذا إني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقرأ كذلك كانوا إذا أمطروا قالوا : أمطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله تعالى - وتجعلون - شكركم أنكم إذا مطرتم تكذبون - ومعنى جعل شكرهم التكذيب جعل التكذيب مكان الشكر فكأنه عينه عندهم فهو من باب : تحية بينهم ضرب وجيع ومنه قول الراجز :
وكان شكر القوم عند المنن كي الصحيحات وفقء الأعين
وأكثر الروايات أن قوله تعالى : ( وتجعلون ) إلخ نزل في القائلين : مطرنا بنوء كذا من غير تعرض لما قبل .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657115«مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه الصلاة والسلام : أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا : هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا فنزلت هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم [الواقعة : 75] حتى بلغ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون .
وأخرج نحوه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في تاريخه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها وكان ذلك على ما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن أبي عروة رضي الله تعالى عنه في غزوة تبوك نزلوا الحجر فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن لا يحملوا من مائه شيئا ثم ارتحلوا ونزلوا منزلا آخر وليس معهم ماء فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقام عليه الصلاة والسلام فصلى ركعتين ثم دعا فأمطروا وسقوا فقال رجل من الأنصار يتهم بالنفاق : إنما مطرنا بنوء كذا فنزل ما نزل ، ولعل جمعا من الكفار قالوا نحو ذلك أيضا بل هم لم يزالوا يقولون ذلك ، والأخبار متضافرة على أن الآية في القائلين بالأنواء ، بل قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : أجمع المفسرون على أنها توبيخ لأولئك ، وظاهر مقابلة الشكر بالكفر في الحديث السابق أن المراد بالكفر كفران النعمة إذا أضيفت لغير موجدها جل جلاله
[ ص: 157 ] وقد صح ذكره مع الإيمان ، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهم عن
زيد بن خالد الجهني قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667769صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما سلم أقبل علينا فقال : هل تدرون ما قال ربكم في هذه الليلة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم فقال : قال : ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين فأما من آمن بي وحمدني على سقياي فذلك الذي آمن بي وكفر بالكواكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بي » والآية على القول بنزولها في قائلي ذلك ظاهرة في كفرهم المقابل للإيمان فكأنهم كانوا يقولونه عن اعتقاد أن الكواكب مؤثرة حقيقة موجدة للمطر وهو كفر بلا ريب بخلاف قوله مع اعتقاد أنه من فضل الله تعالى ، والنوء ميقات وعلامة له فإنه ليس بكفر ، وقيل : تسميته كفرا لأنه يفضي إليه إذا اعتقد أنه مؤثر حقيقة .
هذا وقيل : معنى الآية - وتجعلون شكركم - لنعمة القرآن - أنكم تكذبون - به ، ويشير إلى ذلك ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : بئس ما أخذ القوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله تعالى إلا التكذيب .
وفي الإرشاد أنه الأوفق لسياق النظم الكريم وسباقه ، وأقول ما قدمناه تفسير مأثور نطقت به السنة المقبولة ، وذهب إليه الجمهور وليس فيه ما يأبى إرادة معنى مطابق لسبب النزول وموافق لسياق النظم الكريم وسباقه ، وذلك بأن يقال : إنه عز وجل بعد أن وصف القرآن بما دل على جلالة شأنه وعزة مكانه وأشعر باشتماله على ما فيه تزكية النفوس وتحليتها بما يوجب كمالها من العقائد الحقة ونحوها حيث قال سبحانه :
تنزيل من رب العالمين فعبر جل وعلا عن ذاته سبحانه بلفظ الرب الدال على التربية وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا .
وقد يستفاد ذلك من وصفه بكريم بناء على أن المراد به نفاع جم المنافع فإنه لا منفعة أجل مما ذكر وكان قد ذكر عز وجل غير بعيد ما يدل على أنه تعالى هو المنزل لماء المطر لا غيره سبحانه استقلالا ولا اشتراكا قال عز قائلا : أفبهذا القرآن الجليل الشأن المشتمل على العقائد الحقة المرشد إلى ما فيه نفعكم أنتم متهاونون فلا تشكرون الله تعالى عليه وتجعلون بدل شكركم أنكم تكذبون به ، ومن ذلك أنكم تقولون إذا مطرتم مطرنا بنوء كذا وكذا فتسندون إنزال المطر إلى الكواكب وقد أرشدكم غير مرة إلى ما يأبى ذلك من العقائد وهداكم إلى أنه تعالى هو المنزل للمطر لا الكواكب ولا غيرها أصلا - فما جاء من تفسير تكذبون بتقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ليس المراد منه إلا بيان نوع اقتضاه الحال من التكذيب بالقرآن المنعوت بتلك النعوت الجليلة وكون ذلك على الوجه الذي يزعمه الكفار تكذيبا به مما لا ينتطح فيه كبشان ، وهذا لا تمحل فيه ، وقد يقال على تقدير أن يراد بالرزق المطر وكون ( تكذبون ) على معنى تكذبون بكونه - أي المطر - من الله تعالى حيث تنسبونه إلى الأنواء وإن لم أقف على التصريح به في أثر يعول عليه ، المعنى أفبهذا القرآن الجليل المرشد إلى أن كل نعمة منه تعالى لا غير المصرح عن قريب بأنه المنزل للمطر وحده
أنتم مدهنون أي تكذبون على ما سمعت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج ومن ذلك أنكم تجعلون موضع شكر ما يرزقكم من المطر وينزله لكم أنكم تكذبون بكونه من الله تعالى وتنسبونه إلى الأنواء ، والتبكيت الآتي مبني على تكذيبهم بالقرآن المفهوم من ( تكذبون ) أو من قوله سبحانه :
أنتم مدهنون لكن التكذيب به باعتبار التكذيب ببعض ما نطق به بما سبق وتوقف المراد بالآية على الخبر غير بدع في القرآن الكريم ، وحال عطف ( تجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) على ما قبله لا يخفى على نبيه ، فتأمل والله تعالى الموفق لفهم كتابه الكريم .
[ ص: 158 ] وقرأ
المفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم «تكذبون » بالتخفيف من الكذب وهو قولهم في القرآن إنه - وحاشاه - افتراء ويرجع إلى هذا قولهم في المطر : إنه من الأنواء لأن القرآن ناطق بخلافه ،