أفمن اتبع رضوان الله أي سعى في تحصيله وانتحى نحوه كمن باء أي رجع
بسخط أي غضب عظيم جدا وهو بفتحتين مصدر قياسي ويقال : بضم فسكون وهو غير مقيس ، والجار متعلق بالفعل قبله ، وجوز أن يكون حالا فيتعلق بمحذوف أي رجع مصاحبا لسخط .
من الله أي كائن منه تعالى .
وفي المراد من الآية أقوال : أحدها أن المعنى
أفمن اتبع رضوان الله تعالى في العمل بالطاعة
كمن باء بسخط منه سبحانه في العمل بالمعصية ، وهو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق . ثانيها : أن معناه
أفمن اتبع رضوان الله في ترك الغلول كالنبي ومن يسير بسيرته
كمن باء بسخط من الله تعالى بفعل الغلول وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري لأنه أوفق بالمقام . ثالثها : أن المراد
أفمن اتبع رضوان الله تعالى بالجهاد في سبيله
كمن باء بسخط منه جل جلاله في الفرار عنه ، ونقل ذلك عن الجبائي والزجاج ، وقيل : وهو المطابق لما حكي في سبب النزول أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما أمر بالخروج إلى
أحد قعد عنه جماعة من المنافقين واتبعه المؤمنون ، فأنزل الله تعالى هذه الآية - وفيه بعد - وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لما مر غير مرة .
ومأواه جهنم أي مصيره ذلك ، وفي الجملة احتمالان : الأول : أن تكون مستأنفة مسوقة لبيان حال من باء بسخط ، ويفهم من مقابله أن من اتبع الرضوان كان مأواه الجنة ، ولم يذكر ذلك ليكون أبلغ في الزجر ، وقيل : لم يذكر مع الرضوان الجنة لأن رضوان الله تعالى أكبر وهو مستلزم لكل نعيم ، وكون السخط مستلزما لكل عقاب فيقتضي أن تذكر معه جهنم في حيز المنع لسبق الجمال الجلال فافهم ، والثاني : أنها داخلة في حيز الموصول
[ ص: 112 ] فتكون معطوفة على
باء بسخط عطف الصلة الاسمية على الصلة الفعلية ، وعلى كلا الاحتمالين لا محل لها من الإعراب
وبئس المصير إما تذييل أو اعتراض أو معطوف على الصلة بتقدير ، ويقال : في حقهم ذلك ، وأيا ما كان فالمخصوص بالذم محذوف أي جهنم ، و (المصير) اسم مكان ، ويحتمل المصدرية ، وفرقوا بينه وبين المرجع بأن المصير يقتضي مخالفة ما صار إليه من جهنم لما كان عليه في الدنيا ؛ لأن الصيرورة تقتضي الانتقال من حال إلى حال أخرى كصار الطين خزفا ، والمرجع انقلاب الشيء إلى حال قد كان عليها كقولك : مرجع ابن
آدم إلى التراب ، وأما قولهم مرجع العباد إلى الله تعالى فباعتبار أنهم ينقلبون إلى حال لا يملكون فيها لأنفسهم شيئا كما كان قبل ما ملكوا .