يوم يجمعكم ظرف
لتنبؤن وقوله تعالى :
وذلك على الله يسير وقوله سبحانه :
فآمنوا إلى
خبير من الاعتراض ، فالأول يحقق القدرة على البعث ، والثاني يؤكد ما سيق له الكلام من الحث على الإيمان به وبما تضمنه من الكتاب وبمن جاء به ، وبالحقيقة هو نتيجة قوله تعالى :
لتبعثن ثم لتنبؤن قدم على معموله للاهتمام فجرى مجرى الاعتراض ، وقوله سبحانه :
والله بما تعملون خبير اعتراض في اعتراض لأنه من تتمة الحث على الإيمان كما تقول : اعمل إني غير غافر عنك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي : ظرف - لخبير - وهو عند غير واحد من الأجلة بمعنى مجازيكم فيتضمن الوعد والوعيد .
وجعله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بمعنى معاقبكم ، ثم جوز هذا الوجه ، وتعقب بأنه يرد عليه أنه ليس لمجرد الوعيد بل للحث كيف لا والوعيد قد تم بقوله تعالى :
لتنبؤن بما عملتم فلم يحسن جعله بمعنى معاقبكم فتدبر ، وجوز كونه منصوبا بإضمار اذكر مقدرا ، وتعقب بأنه وإن كان حسنا إلا أنه حذف لا قرينة ظاهرة عليه ، وجوز كونه ظرفا لمحذوف بقرينة السياق أي يكون من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به نطاق المقال يوم يجمعكم ، وتعقب بأن فيه ارتكاب حذف لا يحتاج إليه ، فالأرجح الوجه الأول ، وقرئ «يجمعكم » بسكون العين ، وقد يسكن الفعل المضارع المرفوع مع ضمير جمع المخاطبين المنصوب ، وروي إشمامها الضم ، وقرأ
سلام nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي «نجمعكم » بالنون
ليوم الجمع ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، وقيل : الملائكة عليهم السلام والثقلان ، وقيل : غير ذلك ، والأول أظهر ، واللام قيل : للتعليل ، وفي الكلام مضاف مقدر أي لأجل ما في يوم الجمع من الحساب ، وقيل : بمعنى في فلا تقدير
ذلك يوم التغابن أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة أنهم قالوا : يوم غبن فيه أهل الجنة وأهل النار فالتفاعل فيه ليس على ظاهره كما في التواضع والتحامل لوقوعه من جانب واحد ، واختير للمبالغة ، وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي .
وقال غير واحد : أي يوم غبن فيه بعض الناس بعضا بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس ، ففي الصحيح «ما من عبد يدخل الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ، وما من عبد يدخل النار إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة » وهو مستعار من تغابن القوم في التجارة ، وفيه تهكم بالأشقياء لأنهم لا يغبنون حقيقة السعداء بنزولهم في منازلهم من النار ، أو جعل ذلك تغابنا مبالغة على طريق المشاكلة فالتفاعل على هذا
[ ص: 124 ]
القول على ظاهره وهو حسن إلا أن التغابن فيه تغابن السعداء والأشقياء على التقابل ، والأحسن الإطلاق ، وتغابن السعداء على الزيادة ثبت في الصحاح ، واختار ذلك
محيي السنة حيث قال : التغابن تفاعل من الغبن وهو فوت الحظ ، والمراد بالمغبون من غبن في أهله ومنازله في الجنة فيظهر يومئذ غبن كل كافر بترك الإيمان وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان ، قال
الطيبي : وعلى هذا
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب حيث قال : الغبن أن يبخس صاحبك في معاملة بينك وبينه بضرب من الإخفاء فإن كان ذلك في مال يقال : غبن فلان بضم الغين وكسر الباء ، وإن كان في رأي يقال : غبن بفتح الغين وكسر الباء ، و " يوم التغابن " يوم القيامة لظهور الغبن في المبايعة المشار إليها بقوله تعالى :
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله [البقرة : 207] وقوله سبحانه :
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم [التوبة : 111] وقوله عز وجل :
الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [آل عمران : 77] فعلم أنهم قد غبنوا فيما تركوا من المبايعة وفيما تعاطوه من ذلك جميعا . انتهى ، والجملة مبتدأ وخبر ، والتعريف للجنس ، وفيها دلالة على استعظام ذلك اليوم وأن تغابنه هو التغابن في الحقيقة لا التغابن في أمور الدنيا وإن جلت وعظمت .
ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا أي عملا صالحا
يكفر أي الله تعالى
عنه سيئاته في ذلك اليوم
ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا أي مقدرين الخلود فيها ، والجمع باعتبار معنى " من " كما أن الإفراد باعتبار لفظه ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر والمفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بخلاف عنه - نكفر . وندخله - بنون العظمة فيهما
ذلك أي ما ذكر من تكفير السيئات وإدخال الجنات
الفوز العظيم الذي لا فوز وراءه لانطوائه على النجاة من أعظم الهلكات والظفر بأجل الطلبات .