ما أصاب من مصيبة أي ما أصاب أحدا مصيبة على أن المفعول محذوف ، و " من " زائدة ، و
مصيبة فاعل ، وعدم إلحاق التاء في مثل ذلك فصيح لكن الإلحاق أكثر كقوله تعالى : " ما تسبق من أمة أجلها " [الحجر : 5 ، المؤمنون : 43]
وما تأتيهم من آية [الأنعام : 4] والمراد - بالمصيبة -الرزية وما يسوء العبد في نفس أو مال أو ولد أو قول أو فعل أي ما أصاب أحدا من رزايا الدنيا أي رزية كانت
إلا بإذن الله أي بإرادته سبحانه وتمكينه عز وجل كأن الرزية بذاتها متوجهة إلى العبد متوقفة على إرادته تعالى وتمكينه جل وعلا ، وجوز أن يراد - بالمصيبة -الحادثة من شر أو خير ، وقد نصوا على أنها تستعمل فيما يصيب العبد من الخير وفيما يصيبه من الشر لكن قيل : إنها في الأول من الصوب أي المطر ، وفي الثاني من إصابة السهم ، والأول هو الظاهر ، وإن كان الحكم بالتوقف على الإذن عاما .
ومن يؤمن بالله يهد قلبه عند إصابتها للصبر والاسترجاع على ما قيل ، وعن علقمة للعلم بأنها من عند الله تعالى فيسلم لأمر الله تعالى ويرضى بها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قريب منه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
يهد قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وقيل :
يهد قلبه أي يلطف به ويشرحه لازدياد
[ ص: 125 ]
الخير والطاعة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=13617وابن هرمز والأزرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة - نهد - بنون العظمة .
وقرأ
السلمي nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر «يهد » بالياء مبنيا للمفعول «قلبه » بالرفع على النيابة عن الفاعل ، وقرئ كذلك لكن بنصب «قلبه » ، وخرج على أن نائب الفاعل ضمير من وقلبه منصوب بنزع الخافض أي يهد في قلبه ، أو يهد إلى قلبه على معنى أن الكافر ضال عن قلبه بعيد منه ، والمؤمن واجد له مهتد إليه كقوله تعالى :
لمن كان له قلب [ق : 37] فالكلام من الحذف والإيصال نحو
اهدنا الصراط المستقيم [الفاتحة : 6] ، وفيه جعل القلب بمنزلة المقصد فمن ضل فقد منع منه ومن وصل فقد هدي إليه ، وجوز أن يكون نصبه على التمييز بناء على أنه يجوز تعريفه .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة وعمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار «يهدأ » بهمزة ساكنة «قلبه » بالرفع أي يطمئن قلبه ويسكن بالإيمان ولا يكون فيه قلق واضطراب ، وقرأ عمرو بن فايد - يهدا - بألف بدلا من الهمزة الساكنة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار أيضا «يهد » بحذف الألف بعد إبدالها من الهمزة ، وإبدال الهمزة في مثل ذلك ليس بقياس على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان ، وأجاز ذلك بعضهم قياسا ، وبني عليه جواز حذف تلك الألف للجازم ، وخرج عليه قول
زهير بن أبي سلمى :
جريء متى يظلم يعاقب بظلمه سريعا وإن لا يبد بالظلم يظلم
أصله يبدأ فأبدلت الهمزة ألفا ثم حذفت للجازم تشبيها بألف - يخشى - إذا دخل عليه الجازم ، وقوله تعالى :
والله بكل شيء من الأشياء التي من جملتها القلوب وأحوالها
عليم فيعلم إيمان المؤمن ويهدي قلبه عند إصابة المصيبة فالجملة متعلقة بقوله تعالى :
ومن يؤمن إلخ ، وجوز أن تكون متعلقة بقوله سبحانه :
ما أصاب إلخ على أنها تذييل له للتقرير والتأكيد ، وذكر
الطيبي أن في كلام الكشاف رمزا إلى أن في الآية حذفا أي فمن لم يؤمن لم يلطف به أو لم يهد قلبه ، ومن يؤمن بالله يهد قلبه ، وبني عليه أن المصيبة تشمل الكفر والمعاصي أيضا لورودها عقيب جزاء المؤمن والكافر وإردافها بالأمر الآتي وأي مصيبة أعظم منهما ؟ وهو كما أشار إليه يدفع في نحر
المعتزلة