وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر وإيضاح ذلك أن الآية فيها جمع وتفريق، فلو قيل أهلك هؤلاء بالطغيان على أن ذلك سبب جالب وهؤلاء بالريح على أنه سبب آلي لم يكن طباق إذ جاز أن يكون هؤلاء أيضا هلكوا بسبب الطغيان وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تضعيف الثاني لعدم الطباق بينها
وبين
بريح لا أن ذلك لأن أحدهما عين والآخر حدث وما ذكر من التأييد لا يخفى حاله .
وكذا يرجح الأول على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد أيضا أي بسبب الفعلة الطاغية التي فعلوها وهي عقر الناقة وعلى ما قيل الطاغية عاقر الناقة والهاء فيها للمبالغة كما في رجل راوية وأهلكوا كلهم بسببه لرضاهم بفعله وما قيل أيضا بسبب الفئة الطاغية ووجه الرجحان يعلم مما ذكر ومر الكلام في الصرصر فتذكر وهو صفة ريح وكذا قوله تعالى
عاتية أي شديدة العصف أو عتت على
عاد فما قدروا على ردها والخلاص منها بحيلة من استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفاء في حفرة فإنها كانت تنزعهم من مكانهم وتهلكهم والعتو عليهما استعارة وأصله تجاوز الحد وهو قد يكون بالنسبة إلى الغير وقد لا يكون، ومنه يعلم الفرق
[ ص: 41 ] بين الوجهين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه أنه قال: لم تنزل قطرة إلا بمكيال على يدي ملك إلا يوم
نوح فإنه أذن للماء دون الخزان فطغى الماء على الخزان فخرج فذلك قوله تعالى
إنا لما طغى الماء [الحاقة: 11] ولم ينزل شيء من الريح إلا بمكيال على يدي ملك إلا يوم
عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت فذلك قوله تعالى
بريح صرصر عاتية عتت على الخزان .
وفي صحيحي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما ما يوافقه فهو تفسير مأثور . وقد حكي ذلك في الكشاف ثم قال: ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها، وخرج ذلك في الكشف على الاستعارة التمثيلية ثم قال: إن المثل إذا صار بحيث يفهم منه المقصود من دون نظر إلى أصل القصة جاز أن يقال إنه كناية عنه كما فيما نحن فيه . وجوز أن يكون هناك تشبيه بليغ من العتو وهو الخروج عن الطاعة .