وقد أضلوا أي الرؤساء
كثيرا خلقا كثيرا أي قبل هؤلاء الموصين بأن يتمسكوا بعبادة الأصنام فهم ليسوا بأول من أضلوهم ويشعر بذلك المضي والاقتران بقد حيث أشعر ذلك بأن الإضلال استمر منهم إلى زمن الإخبار بإضلال الطائفة الأخيرة، وجوز أن يراد بالكثير هؤلاء الموصين، وكان الظاهر وقد أضل الرؤساء إياهم أي الموصين المخاطبين بقوله
لا تذرن آلهتكم فوضع كثيرا موضع ذلك على سبيل التجريد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وقد أضلوا أي الأصنام فهو كقوله تعالى
رب إنهن أضللن كثيرا من الناس [إبراهيم: 36] وضمير العقلاء لتنزيلها منزلتهم عندهم وعلى زعمهم ويحسنه على ما في البحر عود الضمير على أقرب مذكور ولا يخفى أن عوده على الرؤساء أظهر إذ هم المحدث عنهم والمعنى فيهم أمكن والجملة قيل حالية أو معطوفة على ما قبلها وقوله تعالى
ولا تزد الظالمين إلا ضلالا قيل عطف على
رب إنهم عصوني على حكاية كلام
نوح عليه السلام بعد ( قال ) والواو النائبة عنه ومعناه قال
رب إنهم عصوني وقال
ولا تزد إلخ أي قال هذين القولين على أن الواو من كلام الله تعالى لأنها داخلة في الحكاية وما بعدها هو المحكي وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وإنما ارتكب ذلك فرارا من عطف الإنشاء على الخبر . .
وقيل عطف عليه والواو من المحكي والتناسب إنشائية وخبرية غير لازم في العطف كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان وغيره وفيه خلاف وفي الكشف لك أن تجعله من باب
واهجرني مليا [مريم: 46] أي فاخذلهم ولا تزدهم وفي العدول إلى
الظالمين إشعار باستحقاقهم الدعاء عليهم وإبداء لعذره عليه السلام وتحذير ولطف لغيرهم، وفيه أنه بعض ما يتسبب من مساوئهم وهو معنى حسن فعنده العطف على محذوف إنشائي ولعل الأولى أن يقال إن العطف على
رب إنهم عصوني والواو من المحكي والتناسب حاصل . .
وقال
الخفاجي : الظاهر أن الغرض من قوله
رب إنهم إلخ الشكاية وإبداء العجز واليأس منهم . فهو طلب للنصرة عليهم كقوله
رب انصرني بما كذبون [الدخان: 22] ولو لم يقصد ذلك تكرر مع ما مر منه عليه السلام فحينئذ يكون كناية عن قوله اخذلهم أو انصرني أو أظهر دينك أو نحوه فهو من عطف الإنشاء على الإنشاء من غير تقدير ويشهد له أن الله تعالى سمى مثله دعاء حيث قال سبحانه
فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون [الدخان: 22] فتدبر وهو حسن خال عن التكلف وارتكاب المختلف فيه إلا أن في الشهادة دغدغة والمراد بالضلال المدعو بزيادته إما الضلال في ترويج مكرهم ومصالح دنياهم فيكون ذلك دعاء عليهم بعدم تيسير أمورهم وإما الضلال بمعنى الهلاك كما في قوله تعالى
إن المجرمين في ضلال [ ص: 79 ] وسعر [القمر: 47] وهو مأخوذ من الضلال في الطريق لأن من ضل فيها هلك فيكون المعنى أهلكهم .
وفسره
ابن بحر بالعذاب وهو قريب مما ذكر وقيل هو على ظاهره أعني الضلال في الدين والدعاء بزيادته إنما كان بعد ما أوحى إليه عليه السلام أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ومآله الدعاء عليهم بزيادة عذابهم ويحتاج إلى دليل وبما سمعت ينحل ما يقال إن طلب الضلال ونحوه إما غير جائز مطلقا أو إذا دعي به على وجه الاستحسان وبدونه وإن كان جائزا لكنه غير ممدوح ولا مرضي فكيف دعا بذلك
نوح عليه السلام عليهم .