وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن كان الرجل من
العرب إذا أمسى في واد قفر وخاف على نفسه نادى بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك يريد الجن وكبيرهم فإذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا سدنا الجن والإنس وذلك قوله تعالى
فزادوهم أي زاد الرجال العائذون الجن
رهقا أي تكبرا وعتوا فالضمير المرفوع لرجال الإنس إذ هم المحدث عنهم والمنصوب لرجال الجن وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير وجماعة إلا أن منهم من فسر الرهق بالإثم وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري لذلك قول
الأعشى :
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها لا يشتكي وامق ما لم يصب رهقا
فإنه أراد ما لم يغش محرما فالمعنى هنا فزادت الإنس والجن مأثما لأنهم عظموهم فزادوهم استحلالا لمحارم الله تعالى أو فزاد الجن العائذين ( غيا ) بأن أضلوهم حتى استعاذوا بهم فالضميران على عكس ما تقدم وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية والربيع nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد والفاء على الأول للتعقيب وعلى هذا قيل للترتيب الإخباري .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء إلى أن ما بعد الفاء قد يتقدم إذا دل عليه الدليل كقوله تعالى
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا [الأعراف: 4] وجمهور النحاة على خلافه وقيل في الكلام حذف أي فاتبعوهم فزادوهم . والآية ظاهرة في أن لفظ الرجال يطلق على ذكور الجن كما يطلق على ذكور الإنس . وقيل لا يطلق على ذكور الجن
[ ص: 86 ] ( ومن الجن ) في الآية متعلق ب ( يعوذون ) ومعناها أنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس وكان الرجل يقول مثلا أعوذ بحذيفة بن بدر من جن هذا الوادي وهو قول غريب مخالف لما عليه الجمهور المؤيد بالآثار، ولعل تعلق الإيمان بهذا باعتبار ما يشعر به من كون ذلك ضلالا موجبا لزيادة الرهق .
وقد جاء في بعض الأخبار ما يقال بدل هذه الاستعاذة
ففي حديث طويل أخرجه
أبو نصر السجزي في الإبانة من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال غريب جدا أنه صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=943701«إذا أصاب أحدا منكم وحشة أو نزل بأرض مجنة فليقل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزها بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل السماء وما يعرج فيها ومن فتن النهار ومن طوارق الليل إلا طارقا يطرق بخير» .