وأنه بفتح الهمزة عند الجمهور على أنه عطف على
أنه استمع كالذي قبله فهو من كلامه تعالى أي وأوحى إلي أن الشان
لما قام عبد الله أي النبي صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى
يدعوه حال من
عبد أي لما قام عابدا له عز وجل وذلك قيامه عليه الصلاة والسلام لصلاة الفجر
بنخلة كما مر .
كادوا أي الجن كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك يكونون عليه لبدا متراكمين من ازدحامهم عليه تعجبا مما شاهدوا من عبادته وسمعوا من قراءته واقتداء أصحابه به قياما وركوعا وسجودا لأنهم رأوا ما لم يروا مثله وسمعوا ما لم يسمعوا نظيره وهذا كالظاهر في أنهم كانوا كثيرين لا تسعة ونحوها وإيراده عليه الصلاة والسلام بلفظ العبد دون لفظ النبي أو الرسول أو الضمير إما لأنه مقول على لسانه صلى الله عليه وسلم لأنه أمر أن يقول أوحي كذا فجيء به على ما يقتضيه مقام العبودية والتواضع، أو لأنه تعالى عدل عن ذلك تنبيها على أن العبادة من العبد لا تستبعد، ونقل عليه الصلاة والسلام كلامه سبحانه كما هو رفعا لنفسه عن البين فلا وجود للأثر بعد العين وحيث كان هذا العدول منه جل وعلا إما لكذا أو لكذا لا أنه تصرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمتنع كما قال بعض الأجلة الجمع بين الحسنيين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ضمير
كادوا لكفار
قريش والعرب فيراد بالقيام القيام بالرسالة وبالتلبد التلبد للعداوة والمعنى وأنه لما قام عبد الله بالرسالة يدعو لله تعالى وحده ويذر ما كانوا يدعون من دونه كادوا لتظاهرهم عليه وتعاونهم على عداوته يزدحمون عليه متراكمين وجوز أن يكون الضمير على هذا للجن والإنس .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أيضا ما يقتضيه قال: تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله تعالى إلا أن ينصره على من ناوأه وفي البحر أبعد من قال عبد الله هنا
نوح عليه السلام كاد قومه يقتلونه حتى استنقذه الله تعالى منهم قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وأبعد منه قول من قال إنه
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام اهـ ولعمري إنه لا ينبغي القول بذلك ولا أظن له صحة بوجه من الوجوه .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر كما قدمنا
nindex.php?page=showalam&ids=13617وابن هرمز nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة كما في الحبر «وإنه» بكسر الهمزة وحمل على أن الجملة استئنافية من كلامه عز وجل وجوز أن تكون من كلام الجن معطوفة على جملة
إنا سمعنا حكوا فيها لقومهم لما رجعوا إليهم ما رأوا من صلاته صلى الله عليه وسلم وازدحام أصحابه عليه في ائتمامهم به وحكي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير وجوز نحو هذا على قراءة الفتح بناء على ما سمعت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبي حاتم أو بتقدير ونخبركم بأنه أو نحوه هذا .
وفي الكشف الوجه على تقدير أن يكون
وأن المساجد من جملة الموحي أن يكون
فلا تدعوا خطابا للجن محكيا إن جعل قوله تعالى «وإنه لما قام» على قراءة الكسر من مقول الجن لئلا ينفك النظم لو جعل ابتداء قصة ووحيا آخر منقطعا عن حكاية الجن وكذلك لو جعل ضمير
كادوا للجن على قراءة الفتح أيضا والأصل أن المساجد لله فلا تدعوا أيها الجن مع الله أحدا فقيل قل يا
محمد لمشركي
مكة أوحي إلي كذا وإذا كان كذلك فيجيء في ضمن الحكاية إثبات هذا الحكم بالنسبة إلى المخاطبين أيضا لاتحاد العلة، وأما لو جعل خطابا عاما فالوجه أن يكون ضمير
كادوا راجعا إلى المشركين أو إلى الجن والإنس وأن يكون على قراءة الكسر جملة استئنافية ابتداء قصة منه جل شأنه في الإخبار عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تمهيد لما يأتي من بعد وتوكيد لما ذكر من قبل فكأنه قيل: قل لمشركي
مكة ما كان من حديث الجن وإيمان بعضهم وكفر آخرين منهم ليكون حكاية ذلك لطفا لهم في الانتهاء عما كانوا فيه وحثا على الإيمان ثم قيل
وأنه لما قام عبد الله يدعوه ويوحده كاد الفريقان من كفرة الجن والإنس
يكونون عليه لبدا دلالة على عدم ارتداعهم مع هذه الدلائل الباهرة والآيات النيرة .
وما أحسن التقابل بين قوله تعالى
وأن المساجد وبين هذا القول كأنهم نهوا كلهم عن الإشراك ودعوا إلى التوحيد فقابلوا ذلك بعداوة من يوحد الله
[ ص: 93 ] سبحانه ويدعوه ولم يرضوا بالإباء وحده وهذا من خواص الكتاب الكريم وبديع أسلوبه إذا أخذ في قصة غب قصة جعلهما متناصفتين فيما سيق له الكلام وزاد عليه التآخي بينهما .
في تناسب خاتمة الأولى وفاتحة الثانية، ولعل هذا الوجه من الوجاهة بمكان وأما لو فسر بما حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل ولأن المساجد لله فلا تدعوا إلخ فالوجه أن يكون استطرادا ذكر عقيب وعيد المعرض والحمل على هذا على الأعضاء السبعة أظهر لأن فيه تذكيرا لكونه تعالى المنع بها عليهم وتنبها على أن الحكمة في خلقها خدمة المعبود من حيث العدول عن لفظ الأعضاء وأسمائها الخاصة إلى المساجد ودلالة على أن ذلك ينافي الإشراك وحينئذ لا يبقى إشكال في ارتباط ما بعده بما قبله على القراءتين والأوجه والله تعالى أعلم اهـ فتأمل .
واللبد بكسر اللام وفتح الباء كما قرأ الجمهور جمع لبدة بالكسر نحو كسرة وكسر وهي الجماعات شبهت بالشيء المتلبد بعضه فوق بعض ويقال للجراد ومنه كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي قول
عبد مناف بن ربع الهذلي :
صافوا بستة أبيات وأربعة حتى كأن عليهم جابيا لبدا
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر بخلاف عنه «لبدا» بضم اللام جمع لبدة كزبرة وزبر وعن
ابن محيصن أيضا تسكين الباء وضم اللام وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن والجحدري وأبو حيوة وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بضمتين جمع لبد كرهن ورهن أو جمع لبود كصبور وصبر وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن والجحدري أيضا بخلاف عنهما « ( لبدا) » بضم اللام وتشديد الباء جمع لابد
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء بكسرها وشد الباء المفتوحة .