إن لك في النهار سبحا طويلا أي تقلبا وتصرفا في مهماتك واشتغالا بشواغلك فلا تستطيع أن تتفرغ للعبادة فعليك بها في الليل وأصل السبح المر السريع في الماء فاستعير للذهاب مطلقا كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب وأنشدوا قول الشاعر:
أباحوا لكم شرق البلاد وغربها ففيها لكم يا صاح سبح من السبح
وهذا بيان للداعي الخارجي إلى قيام الليل بعد بيان ما في نفسه من الداعي وقيل أي إن لك في النهار فراغا وسعة لنومك وتصرفك في حوائجك وقيل إن فاتك من الليل شيء فلك في النهار فراغ تقدر على تداركه فيه فالسبح لفراغ وهو مستعمل في ذلك لغة أيضا لكن الأول أوفق لمعنى قولهم سبح في الماء وأنسب للمقام ثم إن
[ ص: 106 ] الكلام على هذا إما تتميم للعلة يهون عليه أن النهار يصلح للاستراحة فليغتنم الليل للعبادة وليشكر إن لم يكلف استيعابهما بالعبادة أو تأكيد للاحتفاظ به بأنه إن فات لا بد من تداركه بالنهار ففيه متسع لذلك وفيه تلويح إلى معنى
جعل الليل والنهار خلفة [الفرقان: 62] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17344ابن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة «سبخا» بالخاء المعجمة أي تفرق قلب بالشواغل مستعار من سبخ الصوف وهو نقشه ونشر أجزائه وقال غير واحد خفة من التكاليف قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي يقال: سبخ الله تعالى عنك الحمى خففها
وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=673202لا تسبخي بدعائك
أي لا تخففي ومنه قوله:
فسبخ عليك الهم واعلم بأنه إذا قدر الرحمن شيئا فكائن
وقيل السبخ المد يقال سبخي قطنك أي مديه، ويقال لقطع القطن سبائخ الواحدة سبخة ومنه قول
الأخطل يصف قناصا وكلابا:
فأرسلوهن يذرين التراب كما يذري سبائخ قطن ندف أوتار
وقال صاحب اللوامح إن
nindex.php?page=showalam&ids=17344ابن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة فسرا «سبخا» بالمعجمة بعد أن قرآ به فقالا معناه نوما أي ينام بالنهار ليستعين به على قيام الليل وقد يحتمل هذه القراءة غير هذا المعنى لكنهما فسراها فلا نتجاوز عنه اهـ ولعل ذلك تفسير باللازم .