فإذا نقر أي نفخ
في الناقور في الصور وهو فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سببه ومنه منقار الطائر لأنه يقرع به ولهذه السببية تجوز به عنه وشاع ذلك وأريد به النفخ لأنه نوع منه، والفاء للسببية كأنه قيل اصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم وتلقى عاقبة صبرك عليه والعامل في «إذا» ما دل عليه قوله تعالى
فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين فالمعنى إذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين والفاء في هذا للجزاء وذلك إشارة إلى وقت النقر المفهوم من
فإذا نقر وما فيه من المعنى البعد مع قرب العهد لفظا بالمشار إليه للإيذان ببعد منزلته في الهول والفظاعة ومحله الرفع على الابتداء .
( ويومئذ ) قيل بدل منه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن والخبر
يوم عسير فكأنه قيل فيوم النقر يوم عسير وجوز أن يكون
يومئذ ظرفا مستقرا ل
يوم عسير أي صفة له، فلما تقدم عليه صار
[ ص: 121 ] حالا منه والذي أجاز ذلك على ما في الكشاف أن المعنى فذلك وقت النقر وقوع يوم عسير لأن يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور فهو على منوال زمن الربيع العيد فيه أي وقوع العيد فيه وماله فذلك الوقوع وقوع يوم إلخ، ومما ذكر يعلم اندفاع ما يتوهم من تقديم معمول المصدر أو معمول ما في صلته على المصدر إن جعل ظرف الوقوع المقدر أو ظرف عسير والتصريح بلفظ وقوع إبراز للمعنى وتفص عن جعل الزمان مظروف الزمان برجوعه إلى الحدث فتدبر وظاهر صنيع الكشاف اختيار هذا الوجه وكذا كلام صاحب الكشف إذ قرره على أتم وجه وادعى فيما سبق تعسفا نعم جوز عليه الرحمة أن يكون
يومئذ معمول ما دل عليه الجزاء أيضا كأنه قيل فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين يومئذ وأيا ما كان فـ
على الكافرين متعلق بـ
عسير وقيل بمحذوف وهو صفة لعسير أو حال من المستكن فيه .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء تعلقه بـ
يسير في قوله تعالى
غير يسير وهو الذي يقتضيه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأنه ينبغي أن لا يجوز لأن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو ممنوع على الصحيح وقد أجازه بعضهم في غير حملا لها على لا فيقول أنا بزيد غير راض وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي أن إذا متعلقة بإنذار والفاء زائدة، وأراد أنها مفعول به لأنذر كأنه قيل قم فأنذرهم وقت النقر في الناقور . وقوله تعالى
فذلك إلخ جملة مستأنفة في موضع التعليل وهو كما ترى . وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء تخريج الآية على قول
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش بأن تكون «إذا» مبتدأ والخبر
فذلك والفاء زائدة وجعل
يومئذ ظرفا لذلك ولا أظنك في مرية من أنه كلام
أخفش .
وقال بعض الأجلة إن ذلك مبتدأ وهو إشارة إلى المصدر أي فذلك النقر وهو العامل في
يومئذ و
يوم عسير خبر المبتدأ والمضاف مقدر أي فذلك النقر في ذلك اليوم نقر يوم وفيه تكلف وعدول عن الظاهر مع أن عسر اليوم غير مقصود بالإفادة عليه، وظاهر السياق قصده بالإفادة وجعل العلامة
الطيبي هذه الآية من قبيل ما اتحد فيه الشرط والجزاء نحو: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=650052من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله إذ جعل الإشارة إلى وقت النقر وقال: إن في ذلك مع ضم التكرير دلالة على التنبيه على الخطب الجليل والأمر العظيم وفيه نظر وفائدة قوله سبحانه
غير يسير أي سهل بعد قوله تعالى
عسير تأكيد عسره على الكافرين فهو يمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه يشعر بتيسره على المؤمنين كأنه قيل:
عسير على الكافرين غير يسير عليهم كما هو يسير على أضدادهم المؤمنين، ففيه جمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم ولا يتوقف هذا على تعلق على الكافرين بيسير، نعم الأمر عليه أظهر كما لا يخفى ثم مع هذا لا يخلو قلب المؤمن من الخوف . أخرج
ابن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم عن
بهز بن حكيم قال:
أمنا
زرارة بن أوفى فقرأ المدثر فلما بلغ
فإذا نقر في الناقور خر ميتا فكنت فيمن حمله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=hadith&LINKID=692116عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: لما نزلت فإذا نقر في الناقور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته يستمع متى يؤمر . قالوا كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا
واختلف في أن المراد بذلك الوقت يوم النفخة الأولى أو يوم النفخة الثانية، ورجح أنه يوم الثانية لأنه الذي يختص عسره بالكافرين، وأما وقت النفخة الأولى فحكمه الذي هو الإصعاق يعم البر والفاجر وهو على المشهور مختص بمن كان حيا عند وقوع النفخة .