يوم ينفخ في الصور أي النفخة الثانية ( ويوم ) بدل من
يوم الفصل أو عطف بيان مفيد لزيادة تفخيمه وتهويله ولا ضير في تأخر الفصل عن النفخ فإنه زمان ممتد يقع في مبدئه النفخ وفي بقيته الفصل ومبادئه وآثاره، وتقدم الكلام في الصور، وقرأ
أبو عياض: «في الصور» بفتح الواو جمع صورة، وقد مر الكلام في ذلك أيضا.
والفاء في قوله تعالى:
فتأتون فصيحة تفصح عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الإتيان كما في قوله تعالى:
أن اضرب بعصاك البحر فانفلق أي: فتحيون فتبعثون من قبوركم فتأتون إلى الموقف عقيب ذلك من غير لبث أصلا.
أفواجا أي: أمما كل أمة بإمامها كما قال سبحانه:
يوم ندعوا كل أناس بإمامهم أو زمرا وجماعات مختلفة الأحوال متباينة الأوضاع حسب اختلاف الأعمال وتباينها.
واستدل لهذا بما خرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قال: يا رسول الله، ما قول الله تعالى: يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ؟ فقال: «يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ، سألت عن عظيم من الأمور». ثم أرسل عينيه ثم قال عليه الصلاة والسلام: «عشرة أصناف قد ميزهم عز وجل من جماعة المسلمين فبدل صورهم، فبعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكسين أرجلهم فوق، وجوههم أسفل يسحبون عليها، وبعضهم عمي يترددون، وبعضهم صم بكم لا يعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار، وبعضهم أشد نتنا من الجيف، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس، وأما الذين على صورة الخنازير فأكلة السحت، وأما المنكسون على وجوههم فأكلة الربا، وأما العمي فالذين يجورون في الحكم، وأما الصم البكم فالمعجبون بأعمالهم، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف أقوالهم أعمالهم، وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران، وأما المصلبون على جذوع من نار فالساعون بالناس إلى السلطان، وأما الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق الله تعالى من أموالهم، وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والخيلاء والفخر».
وهذا كما قال
ابن حجر: حديث موضوع، وآثار الوضع لائحة عليه، وعليه قيل: لا بد من التغليب في قوله تعالى: ( تأتون ) ؛ إذ لا يمكن الإتيان للمصلوب والمسحوب على الوجه ولا لمن قطعت يداه ورجلاه، وتعقب بأنه ليس بشيء؛ فإن أمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا، والقادر على البعث قادر على جعلهم ماشين بلا أيد وأرجل، وأن تمشي بهم عمد النار التي صلبوا عليها مع أنه لا يلزم أن يأتوا بأنفسهم لجواز أن تأتي بهم الزبانية.