والذي قدر أي: جعل الأشياء على مقادير مخصوصة في أجناسها وأنواعها وأفرادها وصفاتها وأفعالها وآجالها.
فهدى فوجه كل واحد منها إلى ما يصدر عنه وينبغي له طبعا أو اختيارا، ويسره لما خلق له بخلق الميول والإلهامات ونصب الدلائل وإنزال الآيات، فلو تتبعت أحوال النباتات والحيوانات لرأيت في كل منها ما تحار فيه العقول وتضيق عنه دفاتر النقول. وأما فنون هداياته سبحانه وتعالى للإنسان على الخصوص ففوق ذلك بمراحل وأبعد منه ثم أبعد وأبعد بألوف من المنازل وهيهات أن يحيط بها فلك العبارة والتحرير، ولا يكاد يعلمها إلا اللطيف الخبير:
أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
وقيل: أي والذي قدر الخلق على ما خلقهم فيه من الصور والهيئات، وأجرى لهم أسباب معاشهم من الأرزاق والأقوات، ثم هداهم إلى دينه ومعرفة توحيده بإظهار الدلالات والبينات. وقيل: قدر أقواتهم وهداهم لطلبها. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي: قدرهم ذكرانا وإناثا وهدى الذكر كيف يأتي الأنثى، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: قدر الإنسان والبهائم وهدى الإنسان للخير والشر والبهائم للمراتع، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: قدر الولد في البطن تسعة أشهر أو أقل أو أكثر، وهداه للخروج منه للتمام. وقيل: قدر المنافع في الأشياء وهدى الإنسان لاستخراجها، والأولى ما ذكر أولا، ولعل ما في سائر الأقوال من باب التمثيل لا التخصيص. وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14888 (الفراء) أن في الآية اكتفاء والأصل: فهدى وأضل وليس بشيء.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي: «قدر» بالتخفيف من القدرة أو التقدير.