فيومئذ أي: يوم إذ يكون ما ذكر من الأحوال والأقوال
لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد الهاء إما لله عز وجل؛ أي: لا يتولى عذاب الله تعالى ووثاقه سبحانه أحد سواه عز وجل وكأنه قيل: لا يفعل عذاب الله تعالى ووثاقه ولا يباشرهما أحد، وذلك لأن الفعل في ضمن كل فعل خاص واستعمل ذلك استعمالا شائعا في مثل:
وقد حيل بين العير والنزوان. وإن نظن إلا ظنا فالعذاب مفعول به وكذا الوثاق، وفيه تعظيم عذاب الله تعالى ووثاقه سبحانه لهذا الإنسان الذي شرح من أحواله ما شرح على طريق الكناية. فما ادعاه
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب من عدم قوة المعنى على تقدير عود الضمير إليه تعالى بناء على فوات التعظيم الذي يقتضيه السياق للغفول عن نكتة الكناية، وإما للإنسان الموصوف والإضافة إلى المفعول؛ أي: لا يعذب ولا يوثق أحد من الزبانية أحدا من أهل النار مثل ما يعذبونه ويوثقونه كأنه أشدهم عذابا ووثاقا لأنه أشدهم سيئات أفعال وقبائح أحوال، وهو وجه
[ ص: 130 ] حسن بل هو أرجح من الأول على ما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين وابن أبي إسحاق وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة وأبو بحرية وسلام nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب وسهل وخارجة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو: «لا يعذب» «ولا يوثق» بالبناء للمفعول، فالهاء في عذابه ووثاقه للإنسان الموصوف؛ أي: لا يعذب أحد مثل عذابه ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه لتناهيه في كفره وشقاقه ونصب العذاب على المصدرية، واقع موقع التعذيب؛ إما لأنه بمعناه في الأصل كالسلام بمعنى التسليم، ثم نقل إلى ما يعذب به، أو لأنه وضع موضعه كما يوضع العطاء موضع الإعطاء وكذلك الوثاق. وجوز أن يكون المعنى: لا يحمل عذاب الإنسان أحد، ولا يوثق وثاقه أحد؛ كقوله تعالى:
ولا تزر وازرة وزر أخرى والعذاب عليه جار على المتعارف، والنصب على تضمين التعذيب معنى التحميل، والأول أنسب بمقام التغليظ على هذا الإنسان المفرط أوان التمكن، والوجه الثاني للقراءة الأولى مطابق لهذا كما لا يخفى، والمراد من أنه لا يعذب أحد مثل عذابه أنه لا يعذب أحد من جنسه كالعصاة كذلك فلا يلزم كونه أشد عذابا من إبليس ومن في طبقته، ثم إن الظاهر أن المراد جنس المتصف بما ذكر وقيل: المراد به
أمية بن خلف، وقيل:
أبي بن خلف، وهو خلاف الظاهر، وإن قيل: إن الآية نزلت فيمن ذكر وأما القول بأن هذا العذاب الموثق إبليس عليه اللعنة فليس بشيء؛ إذ لا يقال له إنسان، وكون الضمير له وإن لم يسبق له ذكر لا للإنسان المذكور في قوله تعالى:
يومئذ يتذكر الإنسان إلخ مما لا ينبغي أن يلتفت إليه. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع بخلاف عنه: «وثاقه» بكسر الواو.