والضمير في قوله تعالى:
أيحسب على ما عدا ذلك راجع إلى ما دل عليه السياق مما يكابد منه صلى الله تعالى عليه وسلم ما يكابد من كفار
قريش وينتهك حرمة البيت وحرمته عليه الصلاة والسلام. وعليه للإنسان والتهديد مصروف لمن يستحقه. وقيل: على إرادة البعض هو
أبو الأشد أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد القوة مغترا بقوته وكان يبسط له الأديم العكاظي فيقوم عليه ويقول: من أزالني عنه فله كذا، فيجذبه عشرة فينقطع قطعا ويبقى موضع قدميه، وقيل:
عمرو بن عبد ود، وقيل:
الوليد بن المغيرة، وقيل:
أبو جهل بن هشام، وقيل:
الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف. ويجوز أن يكون كل من هؤلاء سبب النزول فلا تغفل.
وجعل
عصام الدين الاستفهام
[ ص: 136 ] للتعجيب على معنى أيظن
أن لن يقدر عليه أي: على الانتقام منه ومكافأته بما هو عليه
أحد مع أنه لا يتخلص من المكابدة ومقاساة الشدائد و «أن» مخففة من الثقيلة ولعل في ذلك إدماج عدم إيمان بالقيامة.
يقول أهلكت مالا لبدا أي: كثيرا من تلبد الشيء إذا اجتمع؛ أي: يقول ذلك وقت الاغترار فخرا ومباهاة وتعظما على المؤمنين، وأراد بذلك ما أنفقه رياء وسمعة، وعبر عن الإنفاق بالإهلاك إظهارا لعدم الاكتراث وأنه لم يفعل ذلك رجاء نفع فكأنه جعل المال الكثير ضائعا. وقيل: يقول ذلك إظهارا لشدة عداوته لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مريدا بالمال ما أنفقه في معاداته عليه الصلاة والسلام. وقيل: يقول ذلك إيذاء له عليه الصلاة والسلام، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل أن الحارث بن نوفل كان إذا أذنب استفتى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فيأمره عليه الصلاة والسلام بالكفارة. فقال: لقد أهلكت مالا لبدا في الكفارات والتبعات منذ أطعت محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم. وقيل: المراد ما تقدم أولا إلا أن هذا القول وقت الانتقام منه وذلك يوم القيامة، والتعبير عن الإنفاق بالإهلاك لما أنه لم ينفعه يومئذ. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر «لبدا» بشد الباء، وعنه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي: «لبدا» بسكون الباء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وابن أبي الزناد: «لبدا» بضم اللام والباء.