وقرر سبحانه القدرة على مجازاته ومحاسبته والاطلاع على حاله بقوله جل وعلا:
ألم نجعل له عينين يبصر بهما
ولسانا يفصح به عما في ضميره
وشفتين يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغير ذلك، والمفرد شفة، وأصلها شفهة حذفت منها الهاء ويدل عليه شفيهة وشفاه، وشافهت؛ وهي مما لا يجوز جمعه بالألف والتاء وإن كان فيه تاء التأنيث على ما في البحر.
وهديناه النجدين أي: طريقي الخير والشر كما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك وآخرين، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة مرفوعا، والنجد مشهور في الطريق المرتفع قال
امرؤ القيس: فريقان منهم جازع بطن نخلة وآخر منهم قاطع نجد كبكب
وسميت نجد به لارتفاعها عن انخفاض تهامة والامتنان المحدث عنه بأن هداه سبحانه وبين له تعالى شأن ما إن سلكه نجا وما إن سلكه هلك، ولا يتوقف الامتنان على سلوك طريق الخير. وقد جعل
الإمام هذه الآية كقوله تعالى:
إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ووصف سبيل الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف سبيل الشر فإن فيه هبوطا من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقاوة؛ فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة له صعودا ولذا استعمل الترقي في الوصول إلى كل شيء وتكميله كذا قيل.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهما الثديان، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب؛ أي: ثديي الأم لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه، والارتفاع فيهما ظاهر، والبطن تحتهما كالغور، والعرب تقسم بثديي الأم فتقول: أما ونجديها ما فعلت. ونسب هذا التفسير
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي كرم الله
[ ص: 137 ] تعالى وجهه أيضا. والمذكور في الدر المنثور من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14907الفريابي nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد، وكذا في مجمع البيان عنه كرم الله تعالى وجهه أن أناسا يقولون: إن النجدين الثديان، فقال: لا، هما الخير والشر.
ولعل القائل بذلك رأى أن اللفظ يحتمله مع ظهور الامتنان عليه جدا.