والليل إذا يغشاها أي الشمس فيغطي ضوءها والإسناد كما مر. وقيل: أي الأرض. وقيل: أي الدنيا. وجيء بالمضارع هنا دون الماضي كما في السابق بأن يقال إذا غشيها، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان: رعاية للفاصلة ولم يقل غشاها لأنه يحتاج إلى حذف أحد المفعولين لتعديه إليهما فإنه يقال: غشيته كذا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب كذا قيل. وقال بعض الأجلة: جيء بالمضارع للتنبيه على استواء الأزمنة عنده تعالى شأنه. وقال
الخفاجي: الأول أن يقال المراد بالليل الظلمة الحادثة بعدم الضوء لا العدم الأصلي والظلمة الأصلية؛ فإن هذه أظهر في الدلالة على القدرة وهي مستقبلة بالنسبة لما قبلها فلا بد من تغيير التعبير ليدل على المراد. واستصعب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري الأمر في نصب «إذا» بأن ما سوى الواو الأولى إن كانت عاطفة لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين كعطف النهار مثلا على الشمس المعمول لحرف القسم، وعطف الظرف أعني «إذا» في
إذا جلاها على نظيرتها في
إذا تلاها المعمولة لفعل القسم وإن كانت قسمية لزم اجتماع المقسمات المتعددة على جواب واحد وقد استكرهه
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه وأجاب باختيار الشق الأول ونفي ما لزمه، فقال: إن واو القسم مطرح معها إبراز الفعل اطراحا كليا، فكان لها شأن
[ ص: 142 ] خلاف شأن الباء حيث أبرز معها الفعل تارة وأضمر أخرى، فكانت الواو قائمة مقام فعل القسم وباؤه سادة مسدهما معا والواوات العواطف نوائب عن هذه الواو فهي عاملة الجر وعاملة النصب، فالعطف من قبيل العطف على معمولي عامل واحد وهذا كما تقول: ضرب
زيد عمرا وبكر خالدا. فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملها انتهى.
وأنت تعلم أن أول الواوات العواطف هاهنا ليس معها ما تعمل فيه النصب فلعله أراد أنها تعمل ذلك إن كان هناك منصوب أو هي عاملة باعتبار أن معنى
والشمس وضحاها والشمس وضوئها إذا أشرقت وفيه أيضا أنه لم يقل أحد بأن الحروف العواطف عوامل. وأيضا الإشكال مبني على امتناع العطف على معمولي عاملين مطلقا حتى لو جوز مطلقا أو بشرط كون المعطوف مجرورا على ما ذهب إليه جمع كما في قولك:
في الدار
زيد والحجرة
عمرو. لم يكن إشكال، وأيضا هو مبني على قبول هذا الاستكراه وعدم إمكان التخلص من الاجتماع بتقدير جواب لكل من المقسمات حتى إذا لم يقبل أو قبل وقدر لكل جواب لم يبق إشكال.
وأيضا هو مبني على أن إذا ظرفية وهو ممنوع لجواز أن تكون قد تجردت عن الظرفية وحينئذ تكون بدلا مما بعد الواو كما قيل: في قوله:
وبعد غد يا لهف نفسي من غد إذا راح أصحابي ولست برائح
أن إذا بدل من غد وعلى تسليم أنها ظرفية يجوز أن يقدر مع كل مضاف تتعلق به، كأن يقدر وتلو القمر إذا تلاها، وتجلية النهار إذا جلاها، وغشيان الليل إذا يغشاها أو تجعل متعلقة بمحذوف وقع حالا مقدرة مما تليه؛ أي: أقسم بالقمر كائنا إذا تلاها، وبالليل كائنا إذا جلاها كما زعمه بعضهم وفيه بحث.
وأيضا يرد على
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري مثل قوله تعالى:
والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس لأن الواو هنالك عاطفة وقد تقدم صريح فعل القسم كما ذكره الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب على أن التحقيق كما قال بعض المحققين أن الظرف ليس معمولا لفعل القسم لفساد المعنى؛ إذ التقييد بالزمان غير مراد حالا كان أو استقبالا وإنما هو معمول مضاف مقدر من نحو العظمة لأن الإقسام بالشيء إعظام له؛ فكأنه أقسم بعظمة زمان كذا، وما قيل عليه من أن إقسامه تعالى بشيء مستعار لإظهار عظمته وإبانة شرفه فيجوز تقييده باعتبار جزء المعنى المراد يعني الإظهار، وأيضا إذا كان الإقسام إعظاما لغا تقديره فلو سلم فالاستعارة إما تبعية أو تمثيلية، وعلى كل حال فليس ثمت ما يكون متعلقا بحسب الصناعة والتقدير ليتعلق به وليظهر ما أريد منه مؤكدا فلا لغوية.