قوله تعالى:
لقد خلقنا الإنسان إلخ. وأريد بالإنسان الجنس؛ فهو شامل للمؤمن والكافر لا مخصوص بالثاني، واستدل عليه بصحة الاستثناء وأن الأصل فيه الاتصال. وقوله تعالى:
في أحسن تقويم في موضع الحال من الإنسان؛ أي: كائنا في تقويم أحسن تقويم، والتقويم التثقيف والتعديل وهو فعل الله عز وجل، فمعنى كون الإنسان كائنا في ذلك على ما قيل: إنه ملتبس به، نظير قولك: فلان في رضا زيد. بمعنى أنه مرضي عنه. وقال
الخفاجي: هو مؤول بمعنى القوام أو المقوم، وفيه مضاف مقدر؛ أي: قوام أحسن تقويم أو «في زائدة» وما بعدها في موضع المفعول المطلق وقد ناب فيه عن المصدر صفته. والتقدير: قومناه تقويما أحسن تقويم، والمراد بذلك جعله على أحسن ما يكون صورة ومعنى، فيشمل ما له من انتصاب القامة وحسن الصورة والإحساس وجودة العقل وغير ذلك. ومن أمعن نظره في أمره وأجال فكره في دقائق ظاهره وسره رآه كما قال بعض الأجلة: مجمع الغيب والشهادة ومطلع نيري فلكي الإفادة والاستفادة، والنسخة الجامعة لما في رسائل إخوان الصفا وسائر المتون والشارح بطور طروس العجائب الإلهية المودعة فيه لما كان وسيكون وظهر له صدق ما قيل: ونسب
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي كرم الله تعالى وجهه:
دواؤك فيك ولا تشعر وداؤك منك وما تبصر وتزعم أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
ومما يدل على أحسنية تقويمه أن الله تعالى رسم فيه من الصفات ما تذكره صفاته عز وجل، وتدله عليها فجعله عالما مريدا قادرا إلى غير ذلك.
وقال تعالى: «تخلقوا بأخلاق الله لئلا يتوهم أن ما للسيد على العبد حرام».
ويكفي في هذا الباب وهو القول الفصل أن الله تعالى خلقه بيديه وأمر سبحانه ملائكته عليهم السلام بالسجود له وهم المكرمون لديه.
وجاء أن الله تعالى خلق
آدم على صورته، وفي رواية: على صورة الرحمن.
وهي تأبى احتمال عود الضمير على
آدم على معنى خلقه غير متنقل في الأطوار كبنيه ولكونه النسخة الجامعة. قال
يحيى بن معاذ الرازي: من عرف نفسه فقد عرف ربه. والناس يزعمونه حديثا وليس -كما قال
النووي- بثابت. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم وبعض الحنفية أنهما أفتيا من
قال لزوجته: إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت طالق بعدم وقوع الطلاق، واستدلا بهذه الآية في قصة مشهورة. وللشعراء في تفضيل معشوقهم على القمر ليلة تمه ما يضيق عنه نطاق الحصر، والحق أن الفرق مثل الصبح ظاهر.