وثم في قوله تعالى:
ثم رددناه أسفل سافلين للتراخي الزماني أو الرتبي والرد إما بمعنى الجعل فينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر كما في قوله:
فرد شعورهن السود بيضا ورد وجوههن البيض سودا
فأسفل مفعول ثان له هنا والمعنى: ثم جعلناه من أهل النار الذين هم أقبح من كل قبيح، وأسفل من كل سافل خلقا وتركيبا لعدم جريه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات. وجوز أن يكون المراد بالرد
[ ص: 176 ] تغيير الحال فهو متعد لواحدة. و «أسفل» حال من المفعول؛ أي: رددناه حال كونه أقبح من قبح صورة، وأشوهه خلقة، وهم أصحاب النار، وأن يكون الرد بمعناه المعروف، و «أسفل» منصوب بنزع الخافض، وجعل الأسفل عليه صفة لمكان. وأريد بالسافلين الأمكنة السافلة؛ أي: رددناه إلى مكان أسفل الأمكنة السافلة وهو جهنم أو الدرك الأسفل من النار، ويعكر على هذا جمعها جمع العقلاء وكونه للفاصلة أو التنزيل منزلة العقلاء ليس مما يهتش له. ولعل الأولى على ذلك أن يراد إلى أسفل من سفل من أهل الدركات. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة في رواية: المراد بذلك رده إلى الهرم وضعف القوى الظاهرة والباطنة؛ أي: ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في حسن الصورة والشكل حيث نكسناه في خلقه فقوس ظهره بعد اعتداله، وابيض شعره بعد سواده، وتشنن جلده وكان بضا، وكل سمعه وبصره وكانا حديدين، وتغير كل شيء منه؛ فمشيه دليف، وصوته خفات، وقوته ضعف، وشهامته خرف. والآية على هذا نظير قوله تعالى:
ومنكم من يرد إلى أرذل العمر وقوله سبحانه:
ومن نعمره ننكسه في الخلق وهو باعتبار الجنس فلا يلزم أن يكون كل الإنسان كذلك وفي إعراب «أسفل» قيل: الأوجه السابقة والأوجه منه غير خفي، ثم المتبادر من السياق الإشارة إلى حال الكافر يوم القيامة وأنه يكون على أقبح صورة وأبشعها بعد أن كان على أحسن صورة وأبدعها لعدم شكره تلك النعمة، وعمله بموجبها، وإرادة ما ذكر لا يلائمه، ومن هنا قيل: إنه خلاف الظاهر، والظاهر ما لاءم ذلك كما هو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة أيضا.
وقرأ
عبد الله: «السافلين» مقرونا بأل.