حتى زرتم المقابر حتى إذا استوعبتم عدد الأحياء
[ ص: 224 ] صرتم إلى المقابر وانتقلتم إلى ذكر من فيها فتكاثرتم بالأموات، فالغاية داخلة في المغيا، وقد تقدم من سبب النزول ما يوضح ذلك. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي nindex.php?page=showalam&ids=17131ومقاتل أن
بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا أيهم أكثر عددا فكثرتهم
بنو عبد مناف فقالت
بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالأحياء والأموات فكثرتهم
بنو سهم، وزيارة المقابر على ما تقدم على ظاهرها، وأما على هذا فقد عبر بها عن بلوغهم ذكر الموتى كناية أو مجازا، واستحسن جعله تمثيلا، وفي الكشاف: عبر بذلك عما ذكر تهكما بهم، ووجه بعض بأنه كأنه قيل: أنتم في فعلكم هذا كمن يزور القبور من غير غرض صحيح، وبعض آخر بأن زيارة القبور للاتعاظ وتذكر الموت وهم عكسوا؛ فجعلوها سببا للغفلة وهذا أولى. والمعنى: ألهاكم ذلك وهو لا يعنيكم ولا يجدي عليكم في دنياكم وآخرتكم عما يعنيكم من أمر الدين الذي هو أهم وأعنى من كل مهم، وحذف الملهي عنه للتعظيم المأخوذ من الإبهام بالحذف والمبالغة في الذم حيث أشار إلى أن ما يلهي مذموم فضلا عن الملهي عن أمر الدين.
وقيل: المراد: ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا والاشتياق إليها والتهالك عليها إلى أن أتاكم الموت لا هم لكم غيرها عما هو أولى بكم من السعي لعاقبتكم والعمل لآخرتكم، وصدره قد أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو
nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، وزيارة المقابر عليه عبارة عن الموت كما قال الشاعر:
إني رأيت الضمد شيئا نكرا لن يخلص العام خليل عشرا
ذاق الضماد أو يزور القبرا
وقال
جرير: زار القبور أبو مالك فأصبح ألأم زوارها
وفي ذلك إشارة إلى تحقق البعث. يحكى أن أعرابيا سمع ذلك فقال: بعث القوم للقيامة ورب الكعبة؛ فإن الزائر منصرف لا مقيم. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه قال: لا بد لمن زار أن يرجع إلى جنة أو نار وفيه أيضا إشارة إلى قصر زمن اللبث في القبور، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع أو لتغليب من مات أولا أو لجعل موت آبائهم بمنزلة موتهم. ومما يقضي منه العجب قول
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم: إن الله عز وجل يتكلم بهذه السورة يوم القيامة تعييرا للكفار وهم في ذلك الوقت قد تقدمت منهم زيارة القبور. وقيل: هذا تأنيب على الإكثار من زيارة القبور تكثرا بمن سلف ومباهاة وتفاخرا به لا اتعاظا وتذكرا للآخرة كما هو المشروع، ويشير إليه خبر
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: nindex.php?page=hadith&LINKID=682018«نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة».
ولا يخفى أن الآية بمعزل عن ذلك، نعم لا كلام في ذم
زيارة القبور للتفاخر بالمزور أو للتباهي بالزيارة كما يفعل كثير من الجهلة المنتسبين إلى المتصوفة في زياراتهم لقبور المشايخ عليهم الرحمة هذا مع ما لهم فيها من منكرات اعتقدوها طاعات وشنائع اتخذوها شرائع إلى أمور تضيق عنها صدور السطور. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ومعاوية وأبو عمران الجوني وأبو صالح nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار وأبو الجوزاء وجماعة: «آلهاكم» بالمد على الاستفهام. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي في رواية: «أألهاكم» بهمزتين والاستفهام للتقرير.