فجعلهم كعصف مأكول كورق زرع وقع فيه الأكال وهو أن يأكله الدود أو أكل حبه فبقي صفرا منه، والكلام على هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أو على الإسناد المجازي، والتشبيه بذلك لذهاب أرواحهم وبقاء أجسادهم، أو لأن الحجر بحرارته يحرق أجوافهم. وذهب غير واحد إلى أن المعنى كتبن أكلته الدواب وراثته، والمراد كروث إلا أنه لم يذكر بهذا اللفظ لهجنته فجاء على الآداب القرآنية فشبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث، ففيه إظهار تشويه حالهم.
وقيل: المعنى: كتبن تأكله الدواب وتروثه، والمراد جعلهم في حكم التبن الذي لا يمنع عنه الدواب؛ أي مبتذلين ضائعين لا يلتفت إليهم أحد ولا يجمعهم ولا يدفنهم كتبن في الصحراء تفعل به الدواب ما شاءت لعدم حافظ له إلا أنه وضع «مأكول» موضع أكلته الدواب لحكاية الماضي في صورة الحال وهو كما ترى، وكأنه لما أن مجيئهم لهدم الكعبة ناسب إهلاكهم بالحجارة ولما أن الذي أثار غضبهم عذرة الكناني شبههم فيما فعل سبحانه بهم على القول الأخير بالروث أو لما أن الذي أثاره احتراقها بما حملته الريح من نار
العرب على ما سمعت شبههم عز وجل فيما فعل جل شأنه بهم بعصف أكل حبه على ما أشرنا إليه أخيرا، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء فيما نقل
ابن خالويه: «مأكول» بفتح الهمزة إتباعا لحركة الميم وهو شاذ وهذا كما أتبعوا في قولهم «محموم» بفتح الحاء لحركة الميم. والله تعالى أعلم.