أم يحسدون الناس انتقال عن توبيخهم بالبخل إلى توبيخهم بالحسد، الذي هو أقبح الرذائل المهلكة من اتصف بها دنيا وأخرى، وذكره بعده من باب الترقي و(أم) منقطعة، والهمزة المقدرة بعدها لإنكار الواقع، والمراد من الناس سيدهم، بل سيد الخليقة على الإطلاق
محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك، وأبو مالك، وعطية.
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم، من طريق
العوفي، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: «قال أهل الكتاب: زعم
محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة، وليس همه إلا النكاح، فأي ملك أفضل من هذا؟» فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج إلى أن المراد بهم
العرب، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبي جعفر، وأبي عبد الله أنهم النبي وآله عليه وعليهم أفضل الصلاة وأكمل السلام.
وقيل: المراد بهم جميع الناس الذين بعث إليهم النبي- صلى الله عليه وسلم - من الأسود والأحمر، أي: بل أيحسدونهم
على ما آتاهم الله من فضله يعني النبوة وإباحة تسع نسوة، أو بعثة النبي- صلى الله عليه وسلم – منهم، ونزول القرآن بلسانهم، أو جمعهم كمالات تقصر عنها الأماني، أو تهيئة سبب رشادهم ببعثة النبي- صلى الله عليه وسلم –إليهم، والحسد على هذا مجاز؛ لأن اليهود لما نازعوه في نبوته - صلى الله تعالى عليه وسلم - التي هي إرشاد لجميع الناس فكأنما حسدوهم جمع
فقد آتينا تعليل للإنكار والاستقباح، وإجراء الكلام على سنن الكبرياء بطريق الالتفات لإظهار كمال العناية بالأمر، والفاء كما قيل فصيحة، أي: إن يحسدوا الناس على ما أوتوا فقد أخطئوا؛ إذ ليس الإيتاء ببدع منا؛ لأنا قد آتينا من قبل هذا
آل إبراهيم الكتاب أي: جنسه، والمراد به التوراة والإنجيل أو هما والزبور
والحكمة أي: النبوة، أو إتقان العلم والعمل، أو الأسرار المودعة في الكتاب، أقوال.
وآتيناهم مع ذلك
ملكا عظيما لا يقادر قدره، وجوز أن يكون المعنى أنهم لا ينتفعون بهذا الحسد، فإنا قد آتينا هؤلاء ما آتينا مع كثرة الحساد الجبابرة من
نمرود وفرعون وغيرهما، فلم ينتفع الحاسد ولم يتضرر المحسود، وأن يراد أن حسدهم هذا في غاية القبح والبطلان، فإنا قد آتينا من قبل أسلاف هذا النبي المحسود - صلى الله عليه وسلم -وأبناء عمه ما آتيناهم، فكيف يستبعدون نبوته عليه الصلاة والسلام، ويحسدونه على إيتائها؟! وتكرير الإيتاء لما يقتضيه مقام التفصيل مع الإشعار بما بين الملك وما قبله من المغايرة، والمراد من الإيتاء إما الإيتاء بالذات وإما ما هو أعم منه ومن الإيتاء بالواسطة، وعلى الأول فالمراد من آل
إبراهيم أنبياء ذريته، ومن الضمير الراجع إليهم من (آتيناهم) بعضهم، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: «الملك في آل
إبراهيم ملك
يوسف وداود وسليمان عليهم السلام» وخصه
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي بما أحل
لداود وسليمان من النساء، فقد كان للأول تسع وتسعون امرأة، ولولده
[ ص: 58 ] ثلاثمائة امرأة، ومثلها سرية، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب قال: بلغني أنه كان
لسليمان - عليه السلام - ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية، وعلى الثاني فالمراد بهم ذريته كلها، فإن تشريف البعض بما ذكر تشريف للكل لاغتنامهم بآثار ذلك، واقتباسهم من أنوار.
ومن الناس من فسر الحكمة بالعلم، والملك العظيم بالنبوة، ونسب ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، ولا يخفى أن إطلاق الملك العظيم على النبوة في غاية البعد، والحمل على المتبادر أولى