والذين آمنوا وعملوا الصالحات عقب بيان سوء حال الكفرة ببيان حسن حال المؤمنين؛ تكميلا للمساءة والمسرة، وقدم بيان حال الأولين؛ لأن الكلام فيهم، والمراد بالموصول إما المؤمنون بنبينا - صلى الله عليه وسلم - وإما ما يعمهم وسائر من آمن من أمم الأنبياء عليهم السلام، أي: إن الذين آمنوا بما يجب الإيمان به وعملوا الأعمال الحسنة
سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار .
قرأ
عبد الله: (سيدخلهم) بالياء، والضمير للاسم الجليل، وفي السين تأكيد للوعد، وفي اختبارها هنا واختيار (سوف) في آية الكفر ما لا يخفى.
خالدين فيها أبدا إعظاما للمنة، وهو حال مقدرة من الضمير المنصوب في (سندخلهم) وقوله تعالى:
لهم فيها أزواج مطهرة أي: من الحيض والنفاس وسائر المعايب والأدناس والأخلاق الدنيئة والطباع الرديئة، لا يفعلن ما يوحش أزواجهن، ولا يوجد فيهن ما ينفر عنهن، في محل النصب على أنه حال من (جنات) أو حال ثانية من الضمير المنصوب، أو أنه صفة لـ(جنات) بعد صفة، أو في محل الرفع على أنه خبر للموصول بعد خبر.
والمراد: أزواج كثيرة، كما تدل عليه الأخبار
وندخلهم ظلا ظليلا أي: فينانا لا جوب فيه، ودائما لا تنسخه الشمس، وسجسجا لا حر فيه ولا قر، رزقنا الله تعالى التفيؤ فيه برحمته، إنه أرحم الراحمين، والمراد بذلك إما حقيقته ولا يمنع منه عدم الشمس، وإما أنه إشارة إلى النعمة التامة الدائمة، والظليل صفة مشتقة من لفظ الظل للتأكيد كما هو عادتهم في نحو: (يوم أيوم وليل أليل).
وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15198المرزوقي: إنه مجرد لفظ تابع لما اشتق منه، وليس له معنى وضعي بل هو كـ(بسن) في قولك: حسن بسن، وقرئ: (يدخلهم) بالياء عطفا على (سيدخلهم) لا على أنه غير الإدخال الأول بالذات بل بالعنوان، كما في قوله تعالى:
ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ .