ولا تهنوا في ابتغاء القوم أي: لا تضعفوا ولا تتوانوا في طلب الكفار بالقتال.
إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون تعليل للنهي، وتشجيع لهم أي: ليس ما ينالكم من الآلام مختصا بكم، بل الأمر مشترك بينكم وبينهم، ثم إنهم يصبرون على ذلك فما لكم أنتم لا تصبرون؟! مع أنكم أولى بالصبر منهم، حيث إنكم ترجعون وتطمعون من الله تعالى ما لا يخطر لهم ببال من ظهور دينكم الحق على سائر الأديان الباطلة، ومن الثواب الجزيل، والنعيم المقيم في الآخرة.
وجوز أن يحمل الرجاء على الخوف، فالمعنى إن الألم لا ينبغي أن يمنعكم؛ لأن لكم خوفا من الله تعالى ينبغي أن يحترز عنه فوق الاحتراز عن الألم، وليس لهم خوف يلجئهم إلى الألم، وهم يختارونه لإعلاء دينهم الباطل فما لكم وللوهن؟! ولا يخلو عن بعد.
وأبعد منه ما قيل: إن المعنى أن الألم قدر مشترك، وأنكم تعبدون الإله العالم القادر السميع البصير الذي يصح أن يرجى منه، وأنهم يعبدون الأصنام التي لا خيرهن يرجى ولاشرهن يخشى.
وقرأ
أبو عبد الرحمن الأعرج (أن تكونوا) بفتح الهمزة، أي: لا تهنوا لأن تكونوا تألمون، وقوله تعالى:
فإنهم تعليل للنهي عن الوهن لأجله، وقرئ (تئلمون كما يئلمون) بكسر حرف المضارعة، والآية – قيل -: نزلت في الذهاب إلى
بدر الصغرى لموعد
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان يوم
أحد، وقيل: نزلت يوم
أحد في الذهاب خلف
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان وعسكره إلى
حمراء الأسد، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة. وكان الله عليما مبالغا في العلم، فيعلم مصالحكم وأعمالكم، ما تظهرون منها وما تسرون
حكيما فيما يأمر وينهى، فجدوا في الامتثال لذلك، فإن فيه عواقب حميدة، وفوزا بالمطلوب.