وبكفرهم عطف على (بكفرهم) الذي قبله، ولا يتوهم أنه من عطف الشيء على نفسه ولا فائدة فيه؛ لأن المراد بالكفر المعطوف الكفر
بعيسى - عليه السلام - والمراد بالكفر المعطوف عليه إما الكفر المطلق، أو الكفر
بمحمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - لاقترانه بقوله تعالى: (قلوبنا غلف) وقد حكى الله تعالى عنهم هذه المقالة في مواجهتهم له - عليه الصلاة والسلام - في مواضع، ففي العطف إيذان بصلاحية كل من الكفرين للسببية.
وقد يعتبر في جانب المعطوف المجموع، ومغايرته للمفرد المعطوف عليه ظاهرة، أو عطف على (فبما نقضهم) ويجوز اعتبار عطف مجموع هذا وما عطف عليه على مجموع ما قبله، ولا يتوهم المحذور، وإن قلنا باتحاد الكفر أيضا لمغايرة المجموع للمجموع، وإن لم يغاير بعض أجزائه بعضا، وقد يقال بمغايرة الكفر في المواضع الثلاثة
[ ص: 10 ] بحمله في الأخيرين على ما أشرنا إليه، وفي الأول على الكفر
بموسى - عليه السلام - لاقترانه بنقض الميثاق.
وتقدم حديث العدو في السبت
وقولهم على مريم بهتانا عظيما لا يقادر قدره؛ حيث نسبوها - وحاشاها - إلى ما هي عنه في نفسها بألف ألف منزل، وتمادوا على ذلك غير مكترثين بقيام المعجزة بالبراءة، والبهتان الكذب الذي يتحير من شدته وعظمه، ونصبه على أنه مفعول به لـ(قولهم) وجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي: قولا بهتانا، وقيل: هو مصدر في موضع الحال أي: مباهتين،