وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق جعله جماعة ومنهم شيخ الإسلام كلاما مستأنفا تحقيقا لإيمانهم وتقريرا له بإنكار سبب انتفائه ونفيه بالكلية على أن (نؤمن) حال من الضمير في (لنا) والعامل ما فيه معنى الاستقرار أي أي شيء حصل لنا غير مؤمنين، والإنكار متوجه إلى السبب والمسبب جميعا كما في قوله تعالى :
وما لي لا أعبد الذي فطرني ونظائره لا إلى السبب فقط مع تحقق المسبب كما في قوله تعالى:
فما لهم لا يؤمنون وأمثاله وقيل : هو معطوف على الجملة الأولى مندرج معها في حيز القول أي يقولون: (ربنا آمنا) إلخ، ويقولون (ما لنا لا نؤمن) إلخ وقيل : هو عطف على جملة محذوفة والتقدير: ما لكم لا تؤمنون بالله وما لنا نؤمن نحن بالله، إلخ ، وقال بعضهم : إنه جواب سائل قال : لم آمنتم ؟ واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج
واعترض بأن علماء العربية صرحوا بأن الجملة المستأنفة الواقعة جواب سؤال مقدر لا تقترن بالواو وذكر علماء المعاني أنه لا بد فيها من الفصل إذ الجواب يعطف على السؤال، وأجيب بأن الواو زائدة وقد نقل
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش أنها تزاد في الجمل المستأنفة ولا يخفى أنه لا بد لذلك من ثبت، والحال المذكورة على ما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب لازمة لا يتم المعنى بدونها، قال : ولذا يصح اقترانها بالواو في (ما لنا) و (ما بالنا لا نفعل) كذا لأنها خبر في المعنى وهي المستفهم عنها
وأنت تعلم أن الاستفهام في نحو هذا التركيب في الغالب غير حقيقي وإنما هو للإنكار ويختلف المراد منه على ما أشرنا إليه، ومعنى الإيمان بالله تعالى الإيمان بوحدانيته سبحانه على الوجه الذي جاءت به الشريعة المحمدية فإن القوم لم يكونوا موحدين كذلك، وقيل: بكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن الإيمان بهما إيمان به سبحانه والظاهر هو الأول والإيمان بالكتاب والرسول صلى الله عليه وسلم يفهمه العطف فإن الموصول المعطوف على الاسم الجليل يشمل ذلك قطعا، و (من الحق) على ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء حال من ضمير الفاعل وجوز أن تكون (من) لابتداء الغاية أي وبما جاءنا من عند الله وأن يكون الموصولة مبتدأ و (من الحق) خبره، والجملة في موضع الحال أيضا ولا يخفى ما في الوجهين من البعد وقوله تعالى:
ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين 48 حال أخرى عند الجماعة من الضمير المتقدم بتقدير مبتدإ لأن المضارع المثبت يقترن بالواو والعامل فيها هو العامل في الأول مقيد بها فيتعدد معنى كما قيل نحو ذلك في قوله تعالى:
كلما رزقوا منها من ثمرة أي أي شيء حصل لنا غير مؤمنين ونحن نطمع في صحبة الصالحين وهي حال مترادفة ولزوم الأولى لا يخرجها عن الترادف أو حال من الضمير في (نؤمن) على معنى أنهم أنكروا على أنفسهم عدم إيمانهم مع أنهم يطمعون في صحبة المؤمنين وجوز فيه أن يكون معطوفا على نؤمن أو على نؤمن على معنى وما لنا نجمع بين
[ ص: 6 ] ترك الإيمان والطمع في صحبة الصالحين أو على معنى: ما لنا لا نجمع بين الإيمان والطمع المذكور بالدخول في الإسلام لأن الكافر ما ينبغي له أن يطمع في تلك الصحبة وموضع المنسبك من (أن) وما بعدها إما نصب أو جر على الخلاف بين
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ، والمراد في أن يدخلنا واختار غير واحد من المعربين أن (نا) مفعول أول ليدخل والمفعول الثاني محذوف أي الجنة قيل : ولولا إرادة ذلك لقال سبحانه (في القوم) بدل "مع القوم"