ولتصغى إليه أي إلى زخرف القول وقيل : الضمير للوحي أو للغرور أو للعداوة لأنها بمعنى العادي والواو للعطف وما بعدها عطف على
غرورا بناء على أنه مفعول له فيكون علة أخرى للإيحاء وما في البين اعتراض وإنما لم ينصب لفقد شرط النصب إذ الغرور فعل الموحي وصغو الأفئدة فعل الموحى إليه وهو على الوجهين الأخيرين علة لفعل محذوف يدور عليه المقام أي وليكون ذلك جعلنا ما جعلنا وأصل الصغو كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب الميل يقال : صغت الشمس والنجوم صغوا مالت للغروب وصغت الإناء وأصغيته وأصغيت إلى فلان ملت بسمعي نحوه وحكى صغوت إليه أصغو وأصغي صغوا وصغيا وقيل : صغيت أصغي وأصغيت أصغي وفي القاموس صغا يصغو ويصغي صغوا وصغى يصغي صغا وصغيا مال وذكر بعض الفضلاء أن هذا الفعل مما جاء واويا ويائيا فقيل : يصغو ويصغي ويقال : في مصدره صغيا بالفتح والكسر وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء صغيا وصغوا بالياء والواو مشددتين ويقال : أن أصغي مثله .
والمراد هنا ولتميل إليه
أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة أي على الوجه الواجب وخص عدم إيمانهم بها دون ما عداها من الأمور التي يجب الإيمان بها وهم بها كافرون قال مولانا شيخ الإسلام إشعارا
[ ص: 7 ] بما هو المدار في صغو أفئدتهم إلى ما يلقى إليهم فإن لذات الآخرة محفوفة في هذه النشأة بالمكاره وآلامها مزينة بالشهوات فالذين يؤمنون بها وبأحوال ما فيها لا يدرون أن وراء تلك المكاره لذات ودون هذه الشهوات آلاما وإنما ينظرون ما بدا لهم في الدنيا بادي الرأي فهم مضطرون إلى حب الشهوات التي من جملتها مزخرفات الأقاويل ومموهات الأباطيل وأما المؤمنون بها فحيث كانوا واقفين على حقيقة الحال ناظرين إلى عواقب الأمور لم يتصور منهم الميل إلى تلك المزخرفات لعلمهم ببطلانها ووخامة عاقبتها والآية حجة على
المعتزلة في وجه وأجاب
الكعبي بأن اللام للعاقبة وليست للتعليل بوجه وهو خلاف الظاهر .
وقال غيره : إنها لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون واعترض بأن النون ولام القسم باقية على فتحتها كقوله .
لئن تك قد ضاقت علي بيوتكم ليعلم ربي أن بيتي واسع
بفتح لام ليعلم نعم حكي عن بعض العرب كسر لام جواب القسم الداخلة على المضارع كقوله :
لتغني عني ذا إنائك أجمعا
وهو غير مجمع عليه أيضا فإن أناسا أنكروا ذلك وجعلوا اللام في البيت للتعليل والجواب محذوف أي لتشربن لتغني عني واستشهد
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش بالبيت على إجابة القسم بلام كي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرضي : لا يجوز عند البصريين في جواب القسم الاكتفاء بلام الجواب عن نون التوكيد إلا في الضرورة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي أن اللام هنا لام الأمر والمراد منه التهديد أو التخلية واستعمال الأمر في ذلك كثير .
واعترض بأنها لو كانت لام الأمر لحذف حرف العلة وأجيب بأن حرف العلة قد يثبت في مثله كما خرج عليه قراءة ( أرسله معنا غدا نرتعي ونلعب ) ( وأنه من يتقي ويصبر ) فليكن هذا كذلك ويؤيد أنها لام الأمر أنه قرئ بحذف حرف العلة .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بتسكين اللام في هذا وفي الفعلين بعده فدعوى أن ضعف كونها للأمر أظهر من ضعف الوجهين الأولين غير ظاهرة واستدل أصحابنا بإسناد الصغو إلى الأفئدة على أن البنية ليست شرطا للحياة فالحي عندهم هو الجزء الذي قامت به الحياة والعالم هو الجزء الذي قام به العلم وقالت المعتزلة : الحي والعالم هو الجملة لا ذلك الجزء والإسناد مجازي
وليرضوه لأنفسهم بعدما مالت إليه أفئدتهم
وليقترفوا أي ليكتسبوا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : أصل القرف والاقتراف قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجرح وما يؤخذ منه قرف واستعير الاقتراف للاكتساب حسنى أو سوآى وفي الإساءة أكثر استعمالا ولهذا يقال الاعتراف يزيل الاقتراف ويقال : قرفت فلانا بكذا إذا عبته به واتهمته وقد حمل على ذلك ما هنا وفيه بعد ومثله ما نقل عن الزجاج أن المعنى فيه وليختلقوا وليكذبوا
ما هم مقترفون (113) أي الذي هم مقترفوه من القبائح التي لا يليق ذكرها وجوز أن تكون ( ما ) موصوفة والعائد محذوف أيضا وأن تكون مصدرية فلا حاجة إلى تقدير عائد .