وكذلك قيل أي كما جعلنا في
مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها
جعلنا في كل قرية من سائر القرى
أكابر مجرميها ليمكروا فيها أو كما جعلنا أعمال أهل
مكة مزينة لهم جعلنا في كل قرية .. إلخ . وإلى الاحتمالين ذهب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11943الرازي وجعل غير واحد جعل بمعنى صير المتعدية لمفعولين واختلف في تعيينهما فقيل :
في كل قرية مفعول ثان و
أكابر مجرميها بالإضافة هو الأول وقيل :
أكابر مفعول أول و
مجرميها بدل منه وقيل :
أكابر مفعول ثان و
مجرميها مفعول أول لأنه معرفة فيتعين أنه المبتدأ بحسب الأصل والتقدير جعلنا في كل قرية مجرميها أكابر فيتعلق الجار والمجرور بالفعل .
واعترض
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان كون
مجرميها بدلا من
أكابر أو مفعولا بأنه خطأ وذهول عن قاعدة نحوية وهي أن أفعل التفضيل يلزم إفراده وتذكيره إذا كان بمن ظاهرة أو مقدرة أو مضافا إلى نكرة سواء كان لمفرد مذكر أو لغيره فإن طابق ما هو له تأنيثا وجمعا وتثنية لزمه أحد الأمرين إما الألف واللام أو الإضافة إلى معرفة و
أكابر في التخريجين باق على الجمعية وهو غير معرف بأل ولا مضاف لمعرفة وذلك لا يجوز وتعقبه الشهاب فقال : إنه غير وارد لأن أكابر وأصاغر أجري مجرى الأسماء لكونه بمعنى الرؤساء كما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب وما ذكره إنما هو إذا بقي على معناه الأصلي ويؤيده قول
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : إنه يقال أكابرة كما يقال أحمر وأحامرة كما قال :
إن الأحامرة الثلاث تعولت
وإن رده
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأنه لم يعلم أن أحدا من أهل اللغة والنحو أجاز في جمع أفضل أفاضلة وفيه نظر وأما الجواب بأنه على حذف المضاف المعرفة للعلم به أي أكابر الناس أو أكابر أهل القرية فلا يخفى ضعفه . اهـ . وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن الظرف لغو و
أكابر أول المفعولين مضاف لمجرميها و
ليمكروا المفعول الثاني .
وجوز بعضهم كون جعل متعديا لواحد على أن المراد بالجعل التمكين بمعنى الإقرار في المكان والإسكان فيه ومفعوله
أكابر مجرميها بالإضافة ويفهم من كلام البعض أن احتمال الإضافة لا يجري إلا على تفسير جعلناهم بمكناهم ولا يخلو ذلك عن دغدغة وقال العلامة الثاني بعد سرد عدة من الأقوال : والذي يقتضيه النظر الصائب أن في كل قرية لغو و
أكابر مجرميها مفعول أول و
ليمكروا هو الثاني ولا يخفى حسنه بيد أنه مبني على جعل الإشارة لأحد الأمرين اللذين أشير فيما سبق إليهما وناقش في ذلك شيخ الإسلام وادعى
[ ص: 20 ] أن الأقرب جعل المشار إليه الكفرة المعهودين باعتبار اتصافهم بصفاتهم والإفراد باعتبار الفريق أو المذكور ومحل الكاف والنصب على أنه المفعول الثاني لجعلنا قدم عليه لإفادة التخصيص كما في قوله سبحانه :
كذلك كنتم من قبل والأول
أكابر مجرميها والظرف لغو أي ومثل أولئك الكفرة الذين هم صناديد مكة ومجرميها جعلنا في كل قرية أكابرها المجرمين أي جعلناهم متصفين بصفات المذكورين مزينا لهم أعمالهم مصرين على الباطل مجادلين به الحق ليمكروا فيها أي ليفعلوا المكر فيها . اهـ . ولا يخفى بعده .
وتخصيص الأكابر لأنهم أقوى على استتباع الناس والمكر بهم وقرئ ( أكبر مجرميها ) وهذا تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم .
وقوله سبحانه :
وما يمكرون إلا بأنفسهم اعتراض على سبيل الوعد له عليه الصلاة والسلام والوعيد للكفرة الماكرين أي وما يحيق غائلة مكرهم إلا بهم
وما يشعرون (123) حال من ضمير يمكرون أي إنما يمكرون بأنفسهم والحال أنهم ما يشعرون بذلك أصلا بل يزعمون أنهم يمكرون بغيرهم.