والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون [ ص: 26 ] قوله عز وجل :
والبدن جعلناها لكم من شعائر الله في البدن ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها الإبل ، وهو قول الجمهور .
والثاني : أنها الإبل ، والبقر ، والغنم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء .
والثالث : كل ذات خف وحافر من الإبل ، والبقر ، والغنم ، وهو شاذ حكاه
ابن الشجرة ، وسميت بدنا لأنها مبدنة في السمن ، وشعائر الله تعالى دينه في أحد الوجهين ، وفروضه في الوجه الآخر .
وتعمق بعض أصحاب الخواطر فتأول البدن أن تطهر بدنك من البدع ، والشعائر أن تستشعر بتقوى الله وطاعته ، وهو بعيد .
لكم فيها خير فيه تأويلان :
أحدهما : أي أجر ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
والثاني : منفعة فإن احتيج إلى ظهرها ركب ، وإن حلب لبنها شرب ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي .
فاذكروا اسم الله عليها صواف وهي قراءة الجمهور ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : صوافي ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : صوافن .
فتأول صواف على قراءة الجمهور فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : مصطفة ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14387ابن عيسى .
والثاني : قائمة لتصفد يديها بالقيود ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
والثالث : معقولة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وتأويل صوافي ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : أي خالصة لله تعالى ، مأخوذ من الصفوة .
وتأويل صوافن وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أنها مصفوفة ، وهو أن تعقل إحدى يديها حتى تقف على ثلاث ، مأخوذ من صفن الفرس إذا ثنى إحدى يديه حتى يقف على ثلاث ، ومنه قوله تعالى :
الصافنات الجياد وقال الشاعر :
[ ص: 27 ] ألف الصفون مما يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا
فإذا وجبت جنوبها أي سقطت جنوبها على الأرض ، ومنه وجب الحائط إذا سقط ، ووجبت الشمس إذا سقطت للغروب ، وقال
أوس بن حجر :
ألم تكسف الشمس ضوء النهار والبدر للجبل الواجب
فكلوا منها فيه وجهان :
أحدهما : أن أكله منها واجب إذا تطوع بها ، وهو قول
أبي الطيب بن سلمة .
والثاني : وهو قول الجمهور أنه استحباب وليس بواجب ، وإنما ورد الأمر به لأنه بعد حظر ، لأنهم كانوا في الجاهلية يحرمون أكلها على نفوسهم .
وأطعموا القانع والمعتر فيهم أربعة تأويلات :
أحدها : أن القانع السائل ، والمعتر الذي يتعرض ولا يسأل ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، ومنه قول
الشماخ :
لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع
أي من السؤال .
والثاني : أن القانع الذي يقنع ولا يسأل ، والمعتر الذي يسأل ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، ومنه قول
زهير على مكثريهم رزق من يعتريهم وعند المقلين السماحة والبذل
والثالث : أن القانع المسكين الطواف ، والمعتر : الصديق الزائر ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15102الكميت :
إما اعتيادا وإما اعترارا
والرابع : أن القانع الطامع ، والمعتر الذي يعتري البدن ويتعرض للحم لأنه
[ ص: 28 ] ليس عنده لحم ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، ومنه قول الشاعر:
على الطارق المعتر يا أم مالك إذا ما اعتراني بين قدري وصخرتي