فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم
قوله :
فمكث غير بعيد أي أقام غير طويل ويحتمل وجهين :
أحدهما : مكث
سليمان غير بعيد حتى أتاه الهدهد .
الثاني : فمكث الهدهد غير بعيد حتى أتى
سليمان .
فقال أحطت بما لم تحط به فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : بلغت ما لم تبلغه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني : علمت ما لم تعلمه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان .
[ ص: 203 ] الثالث : اطلعت على ما لم تطلع عليه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والإحاطة العلم بالشيء من جميع جهاته ، وفي الكلام حذف تقديره : ثم جاء الهدهد فسأله
سليمان عن غيبته .
وجئتك من سبإ بنبإ يقين أي بخبر صحيح صدق ، وفي
سبإ قولان :
أحدهما : أنها مدينة بأرض
اليمن يقال لها
مأرب بينها وبين
صنعاء مسيرة ثلاث ليال ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : بعث الله إلى
سبأ اثني عشر نبيا ، وقال الشاعر
من سبأ الحاضرين مأرب إذ يبنون من دون سيله العرما
الثاني : أن
سبأ حي من أحياء
اليمن واختلف قائلو هذا في نسبتهم إلى هذا ، فذهب قوم إلى أنه اسم امرأة كانت أمهم ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=931047سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ فقال : هو ولد رجل له عشرة أولاد فباليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة ، فأما اليمانيون فمذحج وجهينة وكندة وأنمار والأزد والأشعريون وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان وقيل هو
سبأ بن يعرب بن قحطان . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12053المفضل وسمي
سبأ لأنه أول من سبا .
قوله تعالى :
إني وجدت امرأة تملكهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : هي
بلقيس بنت شراحيل ملكة
سبأ ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15931زهير بن محمد : هي
بلقيس بنت شرحبيل بن مالك بن الديان وأمها
فارعة الجنية ، وقيل ولدها أربعون ملكا آخرهم
شرحبيل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان
[ ص: 204 ] أولو مشورتها ثلاثمائة واثني عشر رجلا كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل .
وأوتيت من كل شيء فيه قولان :
أحدهما : من كل شيء في أرضها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
الثاني : من أنواع الدنيا كلها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان .
ولها عرش عظيم فيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنه السرير ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني : أنه الكرسي ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان .
الثالث : المجلس ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد .
الرابع : الملك ، قاله
ابن بحر .
وفي قوله :
عظيم ثلاثة أوجه :
أحدها : ضخم .
الثاني : حسن الصنعة ، قاله
زهير .
الثالث : لأنه كان من ذهب وقوائمه لؤلؤ وكان مسترا بالديباج والحرير عليه سبعة تعاليق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وكان يخدمها النساء فكان معها لخدمتها ستمائة امرأة .
قوله :
ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض فيه تأويلان :
أحدهما : يعني غيب السماوات والأرض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير .
الثاني : أن خبء السماوات المطر وخبء الأرض النبات ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد ، والخبء بمعنى المخبوء وقع المصدر موقع الصفة . وفي معنى الخبء في اللغة وجهان :
أحدهما : أنه ما غاب .
الثاني : أنه ما استتر .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي (ألا يسجدوا ) بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد
ألا يسجدوا [ ص: 205 ] قال الفراء : من قرأ بالتخفيف فهو موضع سجدة ، ومن قرأ بالتشديد فليس بموضع سجدة . وفي قائل هذا قولان :
أحدهما : أنه قول الله تعالى أمر فيه بالسجود له ، وهو أمر منه لجميع خلقه وتقدير الكلام : ألا يا ناس اسجدوا لله .
الثاني : أنه قول الهدهد حكاه الله عنه .
ويحتمل قوله هذا وجهين :
أحدهما : أن يكون قاله لقوم
بلقيس حين وجدهم يسجدون لغير الله .
الثاني : أن يكون قاله
لسليمان عند عوده إليه واستكبارا لما وجدهم عليه . وفي قول الهدهد لذلك وجهان :
أحدهما : أنه وإن يكن ممن قد علم وجوب التكليف بالفعل فهو ممن قد تصور بما ألهم من الطاعة لسليمان أنه نبي مطاع لا يخالف في قول ولا عمل .
الثاني : أنه كالصبي منا إذا راهق فرآنا على عبادة الله تصور أن ما خالفها باطل فكذا الهدهد في تصوره أن ما خالف فعل
سليمان باطل .