سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب
قوله تعالى:
سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ليس السؤال على وجه الاستخبار ، ولكنه على وجه التوبيخ. وفي المراد بسؤاله بني إسرائيل ، ثلاثة أقاويل: أحدها: أنبياؤهم. والثاني: علماؤهم. والثالث: جميعهم. والآيات البينات: فلق البحر ، والظلل من الغمام ، وغير ذلك.
[ ص: 270 ] ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته يعني بنعمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى:
زين للذين كفروا الحياة الدنيا في الدنيا وتزيينها لهم ، ثلاثة أقاويل: أحدها: زينها لهم الشيطان ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والثاني: زينها لهم الذين أغووهم من الإنس والجن ، وهو قول بعض المتكلمين. والثالث: أن الله تعالى زينها لهم بالشهوات التي خلقها لهم.
ويسخرون من الذين آمنوا لأنهم توهموا أنهم على حق ، فهذه سخريتهم بضعفة المسلمين. وفي الذي يفعل ذلك قولان: أحدهما: أنهم علماء اليهود. والثاني: مشركو
العرب. والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة يعني أنهم فوق الكفار في الدنيا.
والله يرزق من يشاء بغير حساب فإن قيل: كيف يرزق من يشاء بغير حساب وقد قال تعالى:
عطاء حسابا [النبإ: 36] ففي هذا ستة أجوبة: أحدها: أن النقصان بغير حساب ، والجزاء بالحساب. والثاني: بغير حساب لسعة ملكه الذي لا يفنى بالعطاء ، لا يقدر بالحساب. والثالث: إن كفايتهم بغير حساب ولا تضييق. والرابع: دائم لا يتناهى فيصير محسوبا ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والخامس: أن الرزق في الدنيا بغير حساب ، لأنه يعم به المؤمن والكافر فلا يرزق المؤمن على قدر إيمانه ولا الكافر على قدر كفره. والسادس: أنه يرزق المؤمنين في الآخرة وأنه لا يحاسبهم عليه ولا يمن عليهم به.
[ ص: 271 ]