والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أن الله يدخل الذرية بإيمان الآباء الجنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني: أن الله تعالى يعطي الذرية مثل أجور الآباء من غير أن ينقص الآباء من أجورهم شيئا ، قاله
إبراهيم.
الثالث: أنهم البالغون عملوا بطاعة الله مع آبائهم فألحقهم الله بآبائهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الرابع: أنه لما أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوها تبعوهم عليها فصاروا مثلهم فيها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد. [ ص: 382 ] وما ألتناهم من عملهم من شيء فيه تأويلان:
أحدهما: ما نقصناهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة وليلة ذات سرى سريت ولم يلتني عن سراها ليت
أي لم ينقصني ، ومعنى الكلام: ولم ينقص الآباء بما أعطينا الأبناء.
الثاني: معناه وما ظلمناهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12687الحطيئة أبلغ سراة بني سعد مغلغلة جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا
أي لا ظلما ، ولا كذبا. ومعنى الكلام: لم نظلم الآباء بما أعطينا الأبناء ، وإنما فعل تعالى ذلك بالأبناء كرمة للآباء.
كل امرئ بما كسب رهين فيه وجهان:
أحدهما: مؤاخذة كما تؤخذ الحقوق من الرهون.
الثاني: أنه يحبس ، ومنه الرهن لاحتباسه بالحق قال الشاعر
وما كنت أخشى أن يكون رهينة لأحمر قبطي من القوم معتق
يتنازعون فيها كأسا أي ، يتعاطون ويتساقون بأن يناول بعضهم بعضا ، وهو المؤمن وزوجاته وخدمه في الجنة. والكأس إناء مملوء من شراب وغيره فهو كأس ، فإذا فرغ لم يسم كأسا ، وشاهد التنازع والكأس في اللغة قول الأخطل
وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحضور ولا فيها بسوار
نازعته طيب الراح السمول وقد صاح الدجاج وحانت وقعه الساري.
لا لغو فيها ولا تأثيم فيها أربعة أوجه:
أحدها: لا باطل في الخمر ولا مأثم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وإنما ذلك في الدنيا من الشيطان.
الثاني: لا كذب فيها ولا خلف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك .
الثالث: لا يتسابون عليها ولا يؤثم بعضهم بعضا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
[ ص: 383 ] الرابع:
لا لغو في الجنة ولا كذب ، وهذا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا. واللغو هاهنا فحش الكلام كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة فلا الفحش فيه يرهبون ولا الخنا عليهم ولكن هيبة هي ما هيا
بمستحكم جزل المروءة مؤمن من القوم لا يهوى الكلام اللواغيا
ويطوف عليهم غلمان لهم ذكر
ابن بحر فيه وجهين:
أحدهما: أن يكون الأطفال من أولادهم الذين سبقوهم ، فأقر الله بهم أعينهم.
الثاني: أنهم من أخدمهم الله إياهم من أولاد غيرهم.
كأنهم لؤلؤ مكنون أي مصون بالكن والغطاء ، ومنه قول الشاعر
قد كنت أعطيهم مالا وأمنعهم عرضي ، وودهم في الصدر مكنون
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : بلغني أنه
قيل يا رسول الله هذا الخدم مثل اللؤلؤ المكنون فكيف المخدوم؟ قال: (والذي نفسي بيده لفضل ما بينهم ، كفضل القمر ليلة البدر على النجوم .
فمن الله علينا يحتمل وجهين:
أحدهما: بالجنة والنعيم.
الثاني: بالتوفيق والهداية.
ووقانا عذاب السموم فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه عذاب النار ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15665الأصم: السموم اسم من أسماء جهنم.
الثاني: أنه وهج جهنم ، وهو معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج.
الثالث: لفح الشمس والحر ، وقد يستعمل في لفح البرد ، كما قال الراجز
اليوم يوم بارد سمومه من جزع اليوم فلا نلومه
إنه هو البر الرحيم فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن البر الصادق، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
الثاني: اللطيف، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 384 ] الثالث: أنه فاعل البر المعروف به ، قاله
ابن بحر .