وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله الآية . روى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلا لم يرتحل منه حتى يصلي فيه ، فلما كانت غزوة
تبوك بلغه أن
ابن أبي قال : لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فارتحل قبل أن ينزل آخر الناس ، وقيل
لعبد الله بن [ ص: 17 ] أبي : ائت النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر لك ، فلوى رأسه ، وهذا معنى قوله :
لووا رءوسهم إشارة إليه وإلى أصحابه ، أي حركوها ، وأعرضوا يمنة ويسرة إلى غير جهة المخاطب ينظرون شزرا . ويحتمل قولا ثانيا : أن معنى قوله
يستغفر لكم رسول الله يستتيبكم من النفاق لأن التوبة استغفار . وفيما فعله
عبد الله بن أبي حين لوى رأسه وجهان :
أحدهما : أنه فعل ذلك استهزاء وامتناعا من فعل ما دعي إليه من إتيان الرسول للاستغفار له ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني : أنه لوى رأسه بمعنى ماذا قلت ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
ورأيتهم يصدون فيه وجهان :
أحدهما : يمتنعون ، قال الشاعر
صددت الكأس عنا أم عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا
الثاني : يعرضون ، قال
الأعشى صدق هريرة عنا ما تكلمنا جهلا بأم خليد حبل من تصل
وفيما يصدون عنه وجهان :
أحدهما : عما دعوا إليه من استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم .
الثاني : عن الإخلاص للإيمان .
وهم مستكبرون فيه وجهان :
أحدهما : متكبرون .
الثاني : ممتنعون .
هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله الآية، يعني
عبد الله بن أبي وأصحابه ، وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انكفائه من غزاة
بني المصطلق في شعبان سنة ست نزل على
ماء المريسيع ، فتنازع عليه
جهجاه ، وكان مسلما وهو رجل من
غفار ،
[ ص: 18 ]
ورجل يقال له
nindex.php?page=showalam&ids=16056سنان ، وكان من أصحاب
عبد الله بن أبي ، فلطمه
جهجاه ، فغضب له
عبد الله بن أبي وقال : يا معاشر
الأوس والخزرج ما مثلنا ومثل
محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك ، أوطأنا هذا الرجل ديارنا وقاسمناهم أموالنا ولولانا لانفضوا عنه ، ما لهم ، رد الله أمرهم إلى
جهجاه ، لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فسمعه
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم وكان غلاما ، فأعاده على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذر له قومه ، فأنزل الله هذه الآية والتي بعدها .
ولله خزائن السماوات والأرض فيه وجهان :
أحدهما : خزائن السماوات : المطر ، وخزائن الأرضين : النبات .
الثاني : خزائن السماوات : ما قضاه ، وخزائن الأرضين : ما أعطاه . وفيه لأصحاب الخواطر (ثالث : أن خزائن السماوات : الغيوب ، وخزائن الأرض القلوب .