يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة : كل شيء في القرآن يا أيها الذين آمنوا ففي التوراة يا أيها المساكين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : إذا قال الله يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : إذا قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا افعلوا ، فالنبي منهم . ومعنى قوله :
قوا أنفسكم وأهليكم نارا أي اصرفوا عنها النار ، ومنه قول الراجز
ولو توقى لوقاه الواقي وكيف يوقى ما الموت لاقي
[ ص: 44 ]
وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه قوا أنفسكم ، وأهلوكم فليقوا أنفسهم نارا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك .
الثاني : قوا أنفسكم ومروا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقيكم الله بهم ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16405ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثالث : قوا أنفسكم بأفعالكم ، وقوا أهليكم بوصيتكم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد . وفي الوصية التي تقيهم النار ثلاثة أقاويل : أحدها : يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصيته ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني : يعلمهم فروضهم ويؤدبهم في دنياهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي .
الثالث : يعلمهم الخير ويأمرهم به ، ويبين لهم الشر ، وينهاهم عنه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل : حق ذلك عليه في نفسه وولده وعبيده وإمائه .
وقودها الناس والحجارة في ذكر الحجارة مع الناس ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها الحجارة التي عبدوها ، حتى يشاهدوا ما أوجب مصيرهم إلى النار ، وقد بين الله ذلك في قوله
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم الثاني : أنها حجارة من كبريت وهي تزيد في وقودها النار وكان ذكرها زيادة في الوعيد والعذاب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
الثالث : أنه ذكر الحجارة ليعلموا أن ما أحرق الحجارة فهو أبلغ في إحراق الناس . روى
nindex.php?page=showalam&ids=15926ابن أبي زائدة قال : بلغني
nindex.php?page=hadith&LINKID=103444أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم الآية ، وعنده بعض أصحابه ، ومنهم شيخ فقال الشيخ : يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال والذي نفسي بيده لصخرة من جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها ، فوقع الشيخ مغشيا عليه ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي ، فقال : يا شيخ قل لا إله إلا الله ، فقال بها ، فبشره بالجنة ، فقال أصحابه : يا رسول الله أمن بيننا؟ قال : نعم لقول الله تعالى : ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد [ ص: 45 ] عليها ملائكة غلاظ شداد يعني غلاظ القلوب ، شداد الأفعال وهم الزبانية .
لا يعصون الله ما أمرهم أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان .
ويفعلون ما يؤمرون يعني في وقته فلا يؤخرونه ولا يقدمونه .
يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا فيه خمسة تأويلات : أحدها : أن
التوبة النصوح هي الصادقة الناصحة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني : أن النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
الثالث : أن لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها .
الرابع : أن النصوح هي التي لا يحتاج معها إلى توبة .
الخامس : أن
يتوب من الذنب ولا يعود إليه أبدا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب . وهي على هذه التأويلات مأخوذة من النصاحة وهي الخياطة . وفي أخذها منها وجهان :
أحدهما : لأنها توبة قد أحكمت طاعته وأوثقتها كما يحكم الخياط الثوب بخياطته وتوثيقه .
الثاني : لأنها قد جمعت بينه وبين أولياء الله وألصقته بهم كما يجمع الخياط الثوب ويلصق بعضه ببعض . ومنهم من قرأ نصوحا بضم النون ، وتأويلها على هذه القراءة توبة نصح لأنفسكم ، ويروي
nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض فلاة عليها زاده وسقاؤه) .
[ ص: 46 ]