[ ص: 49 ] سورة الملك
مكية عند الكل بسم الله الرحمن الرحيم
تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير
قوله عز وجل :
تبارك الذي بيده الملك فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن التبارك تفاعل من البركة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وهو أبلغ من المبارك لاختصاص الله بالتبارك واشتراك المخلوقين في المبارك .
الثاني : أي تبارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16505ابن عطاء .
الثالث : معناه علا وارتفع ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام . وفي قوله (
الذي بيده الملك ) وجهان :
أحدهما : ملك السماوات والأرض في الدنيا والآخرة .
الثاني : ملك النبوة التي أعز بها من اتبعه وأذل بها من خالفه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق .
وهو على كل شيء قدير من إنعام وانتقام .
[ ص: 50 ] الذي خلق الموت والحياة يعني الموت في الدنيا ، والحياة في الآخرة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(إن الله أذل بني آدم بالموت ، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت ، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء) .
الثاني : أنه خلق الموت والحياة جسمين ، فخلق الموت في صورة كبش أملح ، وخلق الحياة في صورة فرس [أنثى بلقاء] ، وهذا مأثور حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي nindex.php?page=showalam&ids=17131ومقاتل .
ليبلوكم أيكم أحسن عملا فيه خمسة تأويلات : أحدها : أيكم أتم عقلا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني : أيكم أزهد في الدنيا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان .
الثالث : أيكم أورع عن محارم الله وأسرع إلى طاعة الله ، وهذا قول مأثور .
الرابع : أيكم للموت أكثر ذكرا وله أحسن استعدادا ومنه أشد خوفا وحذرا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
الخامس : أيكم أعرف بعيوب نفسه . ويحتمل سادسا : أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه .
الذي خلق سبع سماوات طباقا فيه وجهان :
[ ص: 51 ]
أحدهما : أي متفق متشابه ، مأخوذ من قولهم هذا مطابق لهذا أي شبيه له ، قاله
ابن بحر .
الثاني : يعني بعضهن فوق بعض ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : وسبع أرضين بعضهن فوق بعض ، بين كل سماء وأرض خلق وأمر .
ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فيه أربعة أوجه :
أحدها : من اختلاف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، ومنه قول الشاعر
متفاوتات من الأعنة قطبا حتى وفي عشية أثقالها .
الثاني : من عيب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
الثالث : من تفرق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الرابع : لا يفوت بعضه بعضا ، قاله
عطاء بن أبي مسلم . قال الشاعر
فلست بمدرك ما فات مني بلهف ولا بليت ولا لو أني
فارجع البصر قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : معناه فانظر إلى السماء .
هل ترى من فطور فيه أربعة أوجه :
أحدها : من شقوق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك .
الثاني : من خلل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثالث : من خروق قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
الرابع : من وهن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
ثم ارجع البصر كرتين أي انظر إلى السماء مرة بعد أخرى . ويحتمل أمره بالنظر مرتين وجهين :
أحدهما : لأنه في الثانية أقوى نظرا وأحد بصرا .
الثاني : لأنه يرى في الثانية من سير كواكبها واختلاف بروجها ما لا يراه من الأولى فيتحقق أنه لا فطور فيها . وتأول قوم بوجه ثالث : أنه عنى بالمرتين قلبا وبصرا .
[ ص: 52 ] ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير أي يرجع إليك البصر لأنه لا يرى فطورا فيرتد . وفي (
خاسئا ) أربعة أوجه :
أحدها : ذليلا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : منقطعا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
الثالث : كليلا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
الرابع : مبعدا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش مأخوذ من خسأت الكلب إذا أبعدته . وفي (حسير) ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه النادم ، ومنه قول الشاعر
ما أنا اليوم على شيء خلا يا ابنة القين تولى بحسير .
الثاني : أنه الكليل الذي قد ضعف عن إدراك مرآه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومنه قول الشاعر
من مد طرفا إلى ما فوق غايته ارتد خسآن منه الطرف قد حسرا .
والثالث : أنه المنقطع من الإعياء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، ومنه قول الشاعر
والخيل شعث ما تزال جيادها حسرى تغادر بالطريق سخالها .