إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة فيهم قولان :
[ ص: 67 ]
أحدهما : إن الذين بلوناهم أهل
مكة بلوناهم بالجوع كرتين ، كما بلونا أصحاب الجنة حتى عادت رمادا .
الثاني : أنهم
قريش ببدر . حكى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أن
أبا جهل قال يوم
بدر خذوهم أخذا واربطوهم في الحبال ، ولا تقتلوا منهم أحدا ، فضرب الله بهم عند العدو مثلا بأصحاب الجنة .
إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين قيل إن هذه الجنة حديقة كانت
باليمن بقرية يقال لها
ضروان ، بينها وبين
صنعاء اليمن اثنا عشر ميلا ، وفيها قولان :
أحدهما : أنها كانت لقوم من
الحبشة .
الثاني : قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنها كانت لشيخ من بني إسرائيل له بنون ، فكان يمسك منها قدر كفايته وكفاية أهله ، ويتصدق بالباقي ، فجعل بنوه يلومونه ويقولون : لئن ولينا لنفعلن ، وهو لا يطيعهم حتى مات فورثوها ، فقالوا : نحن أحوج بكثرة عيالنا من الفقراء والمساكين ( فأقسموا ليصرمنها مصبحين ) أي حلفوا أن يقطعوا ثمرها حين يصبحون .
ولا يستثنون فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يستثنون من المساكين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
الثاني : استثناؤهم قول سبحان ربنا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12045أبو صالح .
الثالث : قول إن شاء الله .
فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أمر من ربك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : عذاب من ربك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثالث : أنه عنق من النار خرج من وادي جنتهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
وهم نائمون أي ليلا وقت النوم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : الطائف لا يكون إلا ليلا .
فأصبحت كالصريم فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : كالرماد الأسود ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 68 ]
الثاني : كالليل المظلم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء ، قال الشاعر
تطاول ليلك الجون البهيم فما ينجاب عن صبح ، صريم .
الثالث : كالمصروم الذي لم يبق فيه ثمر . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12309أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إياكم والمعاصي ، إن العبد ليذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له ثم تلا : فطاف عليها طائف من ربك الآيتين قد حرموا خير جنتهم بذنبهم) .
فتنادوا مصبحين أي دعا بعضهم بعضا عند الصبح .
أن اغدوا على حرثكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : كان الحرث عنبا .
إن كنتم صارمين أي عازمين على صرم حرثكم في هذا اليوم .
فانطلقوا وهم يتخافتون فيه أربعة أوجه :
أحدها : يتكلمون ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
الثاني : يخفون كلامهم ويسرونه لئلا يعلم بهم أحد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
الثالث : يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم .
الرابع : لا يتشاورون بينهم .
أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
وغدوا على حرد قادرين فيه تسعة أوجه :
أحدها : على غيظ ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
الثاني : على جد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
الثالث : على منع ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة .
الرابع : على قصد ، ومنه قول الشاعر
أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغلة
[ ص: 69 ]
اي يقصد قصد الجنة المغلة .
الخامس : على فقر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
السادس : على حرص ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان .
السابع : على قدرة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثامن : على غضب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
التاسع : أن القرية تسمى حردا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . وفي قوله : (قادرين) ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني قادرين على المساكين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي .
الثاني : قادرين على جنتهم عند أنفسهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثالث : أن موافاتهم إلى جنتهم في الوقت الذي قدروه ، قاله
ابن بحر . ويحتمل رابعا : أن القادر المطاع بالمال والأعوان ، فإذا ذهب ماله تفرق أعوانه فعصي وعجز .
فلما رأوها قالوا إنا لضالون أي أنهم لما رأوا أرض الجنة لا ثمرة فيها ولا شجر قالوا إنا ضالون الطريق وأخطأنا مكان جنتنا ، ثم استرجعوا فقالوا :
بل نحن محرومون أي حرمنا خير جنتنا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : معناه جوزينا فحرمنا .
قال أوسطهم فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني أعدلهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : خيرهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثالث : أعقلهم ، قاله
ابن بحر .
ألم أقل لكم لولا تسبحون فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لولا تستثنون عند قولهم (
ليصرمنها مصبحين ) ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
الثاني : أن التسبيح هو الاستثناء ، لأن المراد بالاستثناء ذكر الله ، وهو موجود من التسبيح .
الثالث : أن
تذكروا نعمة الله عليكم فتؤدوا حقه من أموالكم .
[ ص: 70 ]