واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به كان وعده مفعولا واهجرهم هجرا جميلا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : اصفح عنهم وقل سلام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
الثاني : أن يعرض عن سفههم ويريهم صغر عداوتهم .
الثالث : أنه الهجر الخالي من ذم وإساءة . وهذا الهجر الجميل قبل الإذن في السيف .
وذرني والمكذبين أولي النعمة قال
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام : بلغني أنهم
بنو المغيرة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : أخبرت أنهم اثنا عشر رجلا من
قريش . ويحتمل قوله تعالى :
أولي النعمة ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه قال تعريفا لهم إن المبالغين في التكذيب هم أولو النعمة .
الثاني : أنه قال ذلك تعليلا ، أي الذين أطغى هم أولو النعمة .
الثالث : أنه قال توبيخا أنهم كذبوا ولم يشكروا من أولاهم النعمة .
ومهلهم قليلا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : إلى السيف .
[ ص: 130 ] إن لدينا أنكالا وجحيما في (أنكالا) ثلاثة أوجه :
أحدها : أغلالا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي .
الثاني : أنها القيود ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش وقطرب ، قالت
الخنساء دعاك فقطعت أنكاله وقد كن قبلك لا تقطع .
الثالث : أنها أنواع العذاب الشديد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(إن الله تعالى يحب النكل على النكل ، قيل : وما النكل؟ قال : الرجل القوي المجرب على الفرس القوي المجرب ومن ذلك سمي القيد نكلا لقوته ، وكذلك الغل ، وكل عذاب قوي واشتد) .
وطعاما ذا غصة فيه وجهان :
أحدهما : أنه شوك يأخذ الحلق فلا يدخل ويخرج ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : أنها شجرة الزقوم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وكانت الجبال كثيبا مهيلا فيه وجهان :
أحدهما : رملا سائلا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : أن المهيل الذي إذا وطئه القدم زل من تحتها وإذا أخذت أسفله انهال أعلاه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي .
فأخذناه أخذا وبيلا فيه أربعة تأويلات :
أحدهما : شديدا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
الثاني : متتابعا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد .
الثالث : ثقيلا غليظا ، ومنه قيل للمطر العظيم وابل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
الرابع : مهلكا ، ومنه قول الشاعر
أكلت بنيك أكل الضب حتى وجدت مرارة [الكلإ الوبيل] .
فكيف تتقون يعني يوم القيامة .
[ ص: 131 ] إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا الشيب : جمع أشيب ، والأشيب والأشمط الذي اختلط سواد شعره ببياضه ، وهو الحين الذي يقلع فيه ذو التصابي عن لهوه ، قال الشاعر
طربت وما بك ما يطرب وهل يلعب الرجل الأشيب
وإنما شاب الولدان في يوم القيامة من هوله .
السماء منفطر به فيه أربعة أوجه :
أحدها : ممتلئة به ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : مثقلة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
الثالث : مخزونة به ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
الرابع : منشقة من عظمته وشدته ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد .
كان وعده مفعولا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : وعده بأن السماء منفطر به ، وكون الجبال كثيبا مهيلا ، وأن يجعل الولدان شيبا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
الثاني : وعده بأن يظهر دينه على الدين كله ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل .
الثالث : وعده بما بشر وأنذر من ثوابه وعقابه . وفي المعنى المكنى عنه في قوله (به) وجهان :
أحدهما : أن السماء منفطرة باليوم الذي يجعل الولدان شيبا ، فيكون اليوم قد جعل الولدان شيبا ، وجعل السماء منفطرة ويكون انفطارها للفناء .
الثاني : معناه أن السماء منفطرة بما ينزل منها بأن يوم القيامة يجعل الولدان شيبا ، ويكون انفطارها بانفتاحها لنزول هذا القضاء منها .
[ ص: 132 ]