وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين [ ص: 392 ] ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون
قوله تعالى:
وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك فيه قولان: أحدهما: اصطفاها على عالمي زمانها ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والثاني: أنه اصطفاها لولادة
المسيح ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج. ( وطهرك ) فيه قولان: أحدهما: طهرك من الكفر ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد. والثاني: طهرك من أدناس الحيض والنفاس ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج. واصطفاك على نساء العالمين فيه قولان: أحدهما: أنه تأكيد للاصطفاء الأول بالتكرار. والثاني: أن الاصطفاء الأول للعبادة ، والاصطفاء الثاني لولادة
المسيح. قوله عز وجل:
يا مريم اقنتي لربك واسجدي فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: يعني أخلصي لربك ، وهو قول
سعيد. والثاني: معناه أديمي الطاعة لربك ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة. والثالث: أطيلي القيام في الصلاة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد. واركعي مع الراكعين وفي تقديم السجود على الركوع قولان: أحدهما: أنه كان مقدما في شريعتهم وإن كان مؤخرا عندنا. والثاني: أن الواو لا توجب الترتيب ، فاستوى حكم التقديم في اللفظ وتأخيره ، وأصل السجود الانخفاض الشديد والخضوع ، كما قال الشاعر:
فكلتاهما خرت وأسجد رأسها كما سجدت نصرانة لم تحنف
وكذلك الركوع إلا أن السجود أكثر انخفاضا. وفي قوله تعالى:
واركعي مع الراكعين قولان: أحدهما: معناه وافعلي كفعلهم.
[ ص: 393 ]
والثاني: يعني مع الراكعين في صلاة الجماعة. قوله تعالى:
ذلك من أنباء الغيب يعني ما كان من البشرى
بالمسيح. نوحيه إليك وأصل الوحي إلقاء المعنى إلى صاحبه ، والوحي إلى الرسل الإلقاء بالإنزال ، وإلى النحل بالإلهام ، ومن بعض إلى بعض بالإشارة ، كما قال تعالى:
فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15876العجاج: ... ... ... أوحى لها القرار فاستقرت
وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم فيه قولان: أحدهما: أنهم تشاجروا عليها وتنازعوا فيها طلبا لكفالتها ، فقال
زكريا: أنا أحق بها لأن خالتها عندي ، وقال القوم: نحن أحق بها لأنها بنت إمامنا وعالمنا ، فاقترعوا عليها بإلقاء أقلامهم وهي القداح مستقبلة لجرية الماء ، فاستقبلت عصا
زكريا لجرية الماء مصعدة ، وانحدرت أقلامهم فقرعهم
زكريا ، وهو معنى قوله تعالى:
وكفلها وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع. والقول الثاني: أنهم تدافعوا كفالتها لأن
زكريا قد كان كفل بها من غير اقتراع ، ثم لحقهم أزمة ضعف بها عن حمل مؤونتها ، فقال للقوم: ليأخذها أحدكم فتدافعوا كفالتها وتمانعوا منها ، فأقرع بينهم وبين نفسه فخرجت القرعة له ، وهذا قول
سعيد.