صفحة جزء
فصل

روى أبو بردة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطول، ومكان الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلني ربي بالمفصل ".

فأما السبع الطول، فالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف [ ص: 26 ]

ويونس، في قول سعيد بن جبير ونحوه، عن ابن عباس ، وهو الصحيح، وإنما سميت السبع الطول لطولها على سائر القرآن.

أما المئون فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية أو تزيد عليها شيئا أو تنقص عنها شيئا. وأما المثاني، ففيها ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها السور التي عني الله فيها القصص والأمثال والفرائض والحدود، وهذا قول عبد الله بن عباس وسعيد بن جبير .

والثاني: أنها فاتحة الكتاب، وهو قول الحسن البصري، قال الراجز


نشدتكم بمنزل القرآن أم الكتاب السبع من مثاني     ثنين من آي من القرآن
والسبع سبع الطول الدواني



والثالث: أن المثاني ما ثنيت المائة فيها من السور، فبلغ عددها مائتي آية أو ما قاربها، فكأن المائتين لها أوائل، والثاني ثواني، وقال بعض الشعراء:


حلفت بالسبع اللواتي طولت     ومائتين بعدها قد أمنت
وبمثاني ثنيت وكررت     وبالطواسين التي قد ثلثت
وبالحواميم التي قد سبقت     وبالتفاصيل التي قد فصلت



وأما المفصل، فإنما سمي مفصلا لكثرة الفصول التي بين سوره، وهو بسم الله الرحمن الرحيم، وسمي المفصل محكما، لما قيل: إنه لم ينسخ شيء منه.

واختلفوا في أول المفصل على ثلاثة أقوال:

أحدها: وهو قول الأكثرين: أنه سورة محمد صلى الله عليه وسلم إلى سورة الناس. [ ص: 27 ]

والثاني: من سورة "ق" إلى الناس، حكاه عيسى بن عمر، عن كثير من الصحابة.

والثالث: وهو قول ابن عباس : من سورة الضحى إلى الناس، وكان يفصل في الضحى بين كل سورتين بالتكبير، وهو رأي قراء مكة.

التالي السابق


الخدمات العلمية