يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير
قوله تعالى:
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وهي في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود: والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما. إنما بدأ الله تعالى في السرقة بالسارق قبل السارقة ، وفي الزنى بالزانية قبل الزاني ، لأن حب المال على الرجال أغلب ، وشهوة الاستمتاع على النساء أغلب ، ثم جعل حد السرقة قطع اليد لتناول المال بها ، ولم يجعل حد الزنى قطع الذكر مع مواقعة الفاحشة به ، لثلاثة معان: أحدها: أن للسارق مثل يده التي قطعت فإن انزجر بها اعتاض بالثانية ، وليس للزاني مثل ذكره إذا قطع فلم يعتض بغيره لو انزجر بقطعه. والثاني: أن الحد زجر للمحدود وغيره ، وقطع اليد في السرقة ظاهر ، وقطع الذكر في الزنى باطن ، والثالث: أن في قطع الذكر إبطال النسل وليس في قطع اليد إبطاله. وقد قطع السارق في الجاهلية ، وأول من حكم بقطعه في الجاهلية
الوليد بن المغيرة ، فأمر الله تعالى بقطعه في الإسلام ، فكان
أول سارق قطعه رسول الله [ ص: 36 ] صلى الله عليه وسلم في الإسلام
الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، ومن النساء
مرة بنت سفيان بن عبد الأسد من
بني مخزوم ، وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653453لو كانت فاطمة لقطعت . وقطع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ابن سمرة أخا
nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة. والقطع في السرقة حق الله تعالى لا يجوز
العفو عنه بعد علم الإمام به ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=75943لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في سارق رداء صفوان حين أمر بقطعه ، فقال صفوان: قد عفوت عنه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلا قبل أن تأتيني به؟ لا عفا الله عني إن عفوت . وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان أتي بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد منهم فقدم ليقطع فقال
يميني أمير المؤمنين أعيذها بعفوك أن تلقى مكانا يشينها يدي كانت الحسناء لو تم سبرها
ولا تعدم الحسناء عابا يعيبها فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة
إذا ما شمالي فارقتها يمينها
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية: كيف أصنع وقد قطعت أصحابك ، فقالت أم السارق: يا أمير المؤمنين اجعلها من ذنوبك التي تتوب منها ، فخلى سبيله ، فكان أول حد ترك في الإسلام. ولوجوب القطع مع ارتفاع الشبهة شرطان هما: الحرز والقدر ، وقد اختلف الفقهاء في قدر ما تقطع فيه اليد خلافا ، كتب الفقه أولى. واختلف أهل التأويل حينئذ لأجل استثناء القطع وشروطه عمن سرق من غير حرز أو سرق من القدر الذي تقطع فيه اليد في قوله تعالى:
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما هل هو عام خص؟ أو مجمل فسر على وجهين. أحدهما: أنه العموم الذي خص. والثاني: أنه المجمل الذي فسر.
[ ص: 37 ] ثم قال تعالى:
جزاء بما كسبا فاختلفوا
هل يجب مع القطع غرم المسروق إذا استهلك على مذهبين: أحدهما: أنه لا غرم ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة. والثاني: يجب فيه الغرم ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي. وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي أن هذه الآية نزلت في
طعمة بن أبيرق سارق الدرع. قوله تعالى:
فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه في
التوبة ها هنا قولان: أحدهما: أنها كالتوبة من سائر المعاصي والندم على ما مضى والعزم على ترك المعاودة. والثاني: أنها الحد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال:
سرقت امرأة حليا فجاء الذين سرقتهم فقالوا: يا رسول الله سرقتنا هذه المرأة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقطعوا يدها اليمنى فقالت المرأة: هل لي من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فأنزل الله تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه قوله تعالى:
يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء فيه تأويلان: أحدهما: يغفر لمن تاب من كفره ، ويعذب من مات على كفره ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي.
الثاني: يعذب من يشاء في الدنيا على معاصيهم بالقتل والخسف والمسخ والآلام وغير ذلك من صنوف عذابه ، ويغفر لمن يشاء منهم في الدنيا بالتوبة واستنقاذهم بها من الهلكة وخلاصهم من العقوبة.
[ ص: 38 ]