وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون وما [ ص: 315 ] كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون
قوله عز وجل:
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية في المكاء قولان: أحدهما: أنه إدخال أصابعهم في أفواههم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والثاني: هو أن يشبك بين أصابعه ويصفر في كفه بفيه فيكون المكاء هو الصفير ، ومنه قول
عنترة: وحليل غنية تركت مجدلا تمكو فريصته بشدق الأعلم
أي تصفر بالريح لما طعنته. وأما التصدية ففيها خمسة أقاويل: أحدهما: أنه التصفيق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ومنه قول
عمرو بن الإطنابة: وظلوا جميعا لهم ضجة مكاء لدى البيت بالتصدية
والثاني: أنه الصد عن
البيت الحرام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . والثالث: أن يتصدى بعضهم لبعض ليفعل مثل فعله ، ويصفر له إن غفل عنه ، قاله بعض المتأخرين.
الرابع: أنها تفعلة من صد يصد ، وهو الضجيج ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة . ومنه قوله تعالى:
إذا قومك منه يصدون [الزخرف: 57] أي يضجون.
الخامس: أنه الصدى الذي يجيب الصائح فيرد عليه مثل قوله ، قاله
ابن بحر . فإن قيل: فلم سمى الله تعالى ما كانوا يفعلونه عند
البيت من المكاء والتصدية صلاة وليس منها؟
[ ص: 316 ] قيل عن ذلك جوابان: أحدهما: أنهم كانوا يقيمون التصفيق والصفير مقام الدعاء والتسبيح فجعلوا ذلك صلاة وإن لم يكن في حكم الشرع صلاة. والثاني: أنهم كانوا يعملون كعمل الصلاة.
فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون فيه قولان: أحدهما: عذاب السيف يوم
بدر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق. والثاني: أنه يقال لهم في الآخرة
فذوقوا العذاب وفيه وجهان: أحدهما: فالقوا.
الثاني: فجربوا. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل في نزول هذه الآية
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى في المسجد الحرام قام من كفار بني عبد الدار بن قصي رجلان عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم يصفران كما يصفر المكاء والمكاء طائر ، ورجلان منهم عن يساره يصفقان بأيديهما ليخلطوا عليه صلاته وقراءته ، فنزلت هذه الآية فيهم.