فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد
قوله عز وجل:
فلما جاء أمرنا فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه أمر الله تعالى للملائكة.
الثاني: أنه وقوع العذاب بهم.
الثالث: أنه القضاء بعذابهم.
جعلنا عاليها سافلها قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي إن الله تعالى بعث
جبريل إلى مؤتفكات قوم
لوط فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى إن أهل السماء يسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأتبعها بحجارة من سجيل حتى أهلكها وما حولها ، وكن خمسا:
صبغة ومقرة وعمرة ودوما وسدوم وهي القرية العظمى. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كانوا في ثلاث قرى يقال لها
سدوم بين
المدينة والشام وكان فيها أربعة آلاف ألف.
وأمطرنا عليها حجارة من سجيل فيه ثمانية تأويلات: أحدها: أنه فارسي معرب وهو (سنك وكيل) فالسنك: الحجر ، والكيل الطين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني: أنه طين قد طبخ حتى صار كالأرحاء ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14387ابن عيسى .
الثالث: أنه الحجارة الصلبة الشديدة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وأنشد قول
ابن مقبل: [ ص: 493 ] ورحلة يضربون البيض عن عرض ضربا تواصى به الأبطال سجينا
إلا أن النون قلبت لاما.
الرابع: من سجيل يعني من سماء اسمها سجيل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد .
الخامس: من سجيل من جهنم واسمها سجين فقلبت النون لاما.
السادس: أن السجيل من السجل وهو الكتاب وتقديره من مكتوب الحجارة التي كتب الله تعالى أن يعذب بها أو كتب عليها ، وفي التنزيل:
كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم [المطففين: 7 - 9].
السابع: أنه فعيل من السجل وهو الإرسال ، يقال أسجلته أي أرسلته ، ومنه سمي الدلو سجلا لإرساله فكان السجل هو المرسل عليهم.
الثامن: أنه مأخوذ من السجل الذي هو العطاء ، يقال سجلت له سجلا من العطاء ، فكأنه قال سجلوا البلاء أي أعطوه.
منضود فيه تأويلان: أحدهما: قد نضد بعضه على بعض ، قاله
الربيع.
الثاني: مصفوف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . قوله عز وجل:
مسومة عند ربك والمسومة: المعلمة ، مأخوذ من السيماء وهي العلامة ، قال الشاعر:
غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر
وفي علامتها قولان: أحدهما: أنها كانت مختمة ، على كل حجر منها اسم صاحبه.
الثاني: معلمة ببياض في حمرة ، على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : مطوقة بسواد في حمرة.
عند ربك فيه وجهان:
[ ص: 494 ] أحدهما: في علم ربك ، قال
ابن بحر .
الثاني: في خزائن ربك لا يملكها غيره ولا يتصرف فيها أحد إلا بأمره.
وما هي من الظالمين ببعيد فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه ذكر ذلك وعيدا لظالمي
قريش ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
الثاني: وعيد لظالمي
العرب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
الثالث: وعيد لظالمي هذه الأمة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الرابع: وعيد لكل ظالم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14355الربيع. وفي الحجارة التي أمطرت قولان: أحدهما: أنه أمطرت على المدن حين رفعها.
الثاني: أنها أمطرت على من لم يكن في المدن من أهلها وكان خارجا عنها.