والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين [ ص: 184 ] ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون
قوله عز وجل:
وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم يعني : وإذا قيل لمن تقدم ذكره ممن لا يؤمن بالآخرة وقلوبهم منكرة بالبعث.
ماذا أنزل ربكم يحتمل القائل ذلك لهم وجهين: أحدهما: أنه قول بعض لبعض ، فعلى هذا يكون معناه ماذا نسب إلى إنزال ربكم ؛ لأنهم منكرون لنزوله من ربهم. والوجه الثاني: أنه من قول المؤمنين لهم، اختبارا لهم ، فعلى هذا يكون محمولا على حقيقة نزوله منه.
قالوا أساطير الأولين وهذا جوابهم عما سئلوا عنه ويحتمل وجهين: أحدهما: أي أحاديث الأولين استرذالا له واستهزاء به.
الثاني: أنه مثل ما جاء به الأولون ، تكذيبا له ولجميع الرسل.
قوله عز وجل:
ليحملوا أوزارهم أي أثقال كفرهم وتكذيبهم.
كاملة يوم القيامة يحتمل وجهين: أحدهما: أنها لم تسقط بالتوبة.
الثاني: أنها لم تخفف بالمصائب.
ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم يعني أنه قد اقترن بما حملوه من أوزارهم ما يتحملونه من أوزار من أضلوهم. ويحتمل وجهين: أحدهما: أن المضل يتحمل أوزار الضال بإغوائه.
الثاني: أن الضال يتحمل أوزار المضل بنصرته وطاعته. ويحتمل قوله تعالى
بغير علم وجهين: أحدهما: بغير علم المضل بما دعا إليه.
[ ص: 185 ] الثاني: بغير علم الضال بما أجاب إليه. ويحتمل المراد بالعلم وجهين: أحدهما: يعني أنهم يتحملون سوء أوزارهم لأنه تقليد بغير استدلال ولا شبهة.
الثاني: أراد أنهم لا يعلمون بما تحملوه من أوزار الذين يضلونهم.
ألا ساء ما يزرون يحتمل وجهين: أحدهما: يعني أنهم يتحملون سوء أوزارهم.
الثاني: معناه أنه يسوءهم ما تحملوه من أوزارهم. فيكون على الوجه الأول معجلا في الدنيا ، وعلى الوجه الآخر مؤجلا في الآخرة.