وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا [ ص: 274 ] قوله تعالى:
وما منع الناس أن يؤمنوا يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذ جاءهم الهدى يحتمل وجهين: أحدهما: القرآن.
الثاني: الرسول.
إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا وهذا قول كفار
قريش أنكروا أن يكون البشر رسل الله تعالى ، وأن الملائكة برسالاته أخص كما كانوا رسلا إلى أنبيائه ، فأبطل الله تعالى عليهم ذلك بقوله:
قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا يعني أن الرسول إلى كل جنس يأنس بجنسه ، وينفر من غير جنسه ، فلو جعل الله تعالى الرسول إلى البشر ملكا لنفروا من مقاربته ولما أنسوا به ولداخلهم من الرهب منه والاتقاء له ما يكفهم عن كلامه ويمنعهم من سؤاله ، فلا تعم المصلحة. ولو نقله عن صورة الملائكة إلى مثل صورتهم ليأنسوا به ويسكنوا إليه لقالوا لست ملكا وإنما أنت بشر فلا نؤمن بك ، وعادوا إلى مثل حالهم.