أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا [ ص: 332 ] قوله عز وجل:
أما السفينة فكانت لمساكين وفي تسميتهم مساكين أربعة أوجه: أحدها: لفقرهم وحاجتهم.
الثاني: لشدة ما يعانونه في البحر ، كما يقال لمن عانى شدة قد لقي هذا المسكين جهدا.
الثالث: لزمانة كانت بهم وعلل.
الرابع: لقلة حيلتهم وعجزهم عن الدفع عن أنفسهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=912369 (مسكين رجل لا امرأة له) فسماه مسكينا لقلة حيلته وعجزه عن القيام بنفسه لا لفقره ومسكنته. وقرأ بعض أئمة القراء (لمساكين) بتشديد السين ، والمساكون هم الممسكون ، وفي تأويل ذلك وجهان: أحدهما: لممسكون لسفينتهم للعمل فيها بأنفسهم.
الثاني: الممسكون لأموالهم شحا فلا ينفقونها.
فأردت أن أعيبها أي أن أحدث فيها عيبا.
وكان وراءهم ملك في قوله
وراءهم ملك وجهان: أحدهما: أنه خلفهم ، وكان رجوعهم عليه ولم يعلموا به ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج.
الثاني: أنه كان أمامهم. وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم ملك واختلف أهل العربية في استعمال وراء موضع أمام على ثلاثة أقاويل: أحدها: يجوز استعماله بكل حال وفي كل مكان وهو من الأضداد ، قال الله تعالى:
من ورائهم جهنم أي من أمامهم وقدامهم جهنم قال الشاعر:
[ ص: 333 ] أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا
يعني أمامي.
الثاني: أن وراء يجوز أن يستعمل في موضع أمام في المواقيت والأزمان لأن الإنسان قد يجوزها فتصير وراءه ولا يجوز في غيرها.
الثالث: أنه يجوز في الأجسام التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ، ولا يجوز في غيره قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14387ابن عيسى. يأخذ كل سفينة غصبا قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: يأخذ كل سفينة صالحة غصبا. وهكذا كان الملك يأخذ كل سفينة جيدة غصبا ، فلذلك عابها
الخضر لتسلم من الملك. وقيل إن اسم الملك
هدد بن بدد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل: كان اسمه
مندلة بن جلندى بن سعد الأزدي.