صفحة جزء
قوله تعالى : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع .

أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن ابن عباس في قوله : ولنبلونكم الآية ، قال : أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء، وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر، وبشرهم، فقال : وبشر الصابرين وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله، ورجع واسترجع عند المصيبة ، كتب الله له ثلاث خصال من الخير ؛ الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من استرجع عند [ ص: 72 ] المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفا صالحا يرضاه" .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن عطاء في قوله : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

وأخرج سفيان بن عيينة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن جويبر قال : كتب رجل إلى الضحاك يسأله عن هذه الآية : إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ أخاصة هي أم عامة؟ فقال : هي لمن أخذ بالتقوى، وأدى الفرائض .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : ولنبلونكم قال : ولنبتلينكم . يعني المؤمنين، وبشر الصابرين قال : على أمر الله في المصائب . يعني : بشرهم بالجنة، أولئك عليهم يعني : على من صبر على أمر الله عند المصيبة، صلوات يعني : مغفرة من ربهم ورحمة يعني : رحمة لهم، وأمنة من العذاب، وأولئك هم المهتدون يعني : من المهتدين بالاسترجاع عند المصيبة .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن رجاء [ ص: 73 ] ابن حيوة في قوله : ونقص من الثمرات . قال : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة فيه إلا تمرة .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق رجاء بن حيوة، عن كعب، مثله .

وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم ؛ أن يقولوا عند المصيبة : "إنا لله وإنا إليه راجعون " .

وأخرج وكيع ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن سعيد بن جبير قال : لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم يعطه الأنبياء قبلهم، ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول : يا أسفى على يوسف ؛ إنا لله وإنا إليه راجعون ولفظ البيهقي قال : لم يعط أحد من الأمم الاسترجاع غير هذه الأمة، أما سمعت قول يعقوب : يا أسفى على يوسف ؟ .

وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون قال : من استطاع أن يستوجب لله في مصيبته ثلاثا؛ الصلاة والرحمة والهدى فليفعل، ولا قوة إلا بالله؛ فإنه من استوجب على الله حقا بحق أحقه الله له، ووجد الله وفيا .

وأخرج وكيع ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في كتاب «العزاء» ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن عمر بن الخطاب قال : نعم العدلان، ونعم العلاوة : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة نعم العدلان، وأولئك هم المهتدون نعم العلاوة .

وأخرج ابن أبي الدنيا، والبيهقي ، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة ؛ من كان عصمة أمره لا إله إلا الله، وإذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . وإذا أعطي شيئا قال : الحمد لله . وإذا أذنب ذنبا قال : أستغفر الله .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها، كتب الله له ثلاثمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض" .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن يونس بن يزيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن : ما منتهى الصبر ؟ قال : يكون يوم تصيبه المصيبة [ ص: 75 ] مثله قبل أن تصيبه .

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب «الاعتبار»، عن عمر بن عبد العزيز ، أن سليمان بن عبد الملك قال له عند موت ابنه : أيصبر المؤمن حتى لا يجد لمصيبته ألما؟ قال : يا أمير المؤمنين ، لا يستوي عندك ما تحب وما تكره، ولكن الصبر معول المؤمن .

وأخرج أحمد ، وابن ماجه ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن الحسين بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيذكرها وإن طال عهدها، فيحدث لذلك استرجاعا، إلا جدد الله له عند ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب" .

وأخرج سعيد بن منصور ، والعقيلي في «الضعفاء»، من حديث عائشة، مثله .

وأخرج الحكيم الترمذي، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من نعمة وإن تقادم عهدها، فيجدد لها العبد الحمد، إلا جدد الله له ثوابها، وما من مصيبة، وإن تقادم عهدها، فيجدد لها العبد الاسترجاع، إلا جدد الله له ثوابها وأجرها" . [ ص: 76 ] وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن سعيد بن المسيب رفعه : "من استرجع بعد أربعين سنة، أعطاه الله ثواب مصيبته يوم أصيبها" .

وأخرج ابن أبي الدنيا ، عن كعب قال : ما من رجل تصيبه مصيبة، فيذكرها بعد أربعين سنة، فيسترجع، إلا أجرى الله له أجرها تلك الساعة كما أنه لو استرجع يوم أصيب .

وأخرج أحمد، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به ، قال : "لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة، فيسترجع عند مصيبته، ثم يقول : اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها . إلا فعل ذلك به" . قالت أم سلمة : فحفظت ذلك منه ، فلما توفي أبو سلمة استرجعت فقلت : اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها . ثم رجعت إلى نفسي، وقلت من أين لي خير من أبي سلمة ؟ فأبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج مسلم ، عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها . إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها" . قالت : [ ص: 77 ] فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخلف الله لي خيرا منه ؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج أحمد، والترمذي وحسنه، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع . فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسموه بيت الحمد" .

وأخرج الطبراني ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن للموت فزعا ، فإذا أتى أحدكم وفاة أخيه فليقل : إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون" .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن أبي بكر بن أبي مريم : سمعت أشياخنا يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن أهل المصيبة لتنزل بهم فيجزعون وتسوء رعتهم، فيمر بها مار من الناس فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون . فيكون فيها أعظم أجرا من أهلها" .

وأخرج الطبراني بسند ضعيف ، عن أبي أمامة قال : انقطع قبال النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 78 ] فاسترجع ، فقالوا : مصيبة يا رسول الله ؟ فقال : "ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة" .

وأخرج البزار بسند ضعيف، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع فإنها من المصائب" .

وأخرج البزار بسند ضعيف ، عن شداد بن أوس مرفوعا، مثله .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن شهر بن حوشب رفعه قال : "من انقطع شسعه فليقل : إنا لله وإنا إليه راجعون . فإنها مصيبة" .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، عن عون بن عبد الله قال : كان ابن مسعود يمشي فانقطع شسعه، فاسترجع، فقيل : تسترجع على مثل هذا ! قال : مصيبة .

وأخرج ابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن أبي شيبة ، وهناد ، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» ، وابن المنذر ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن عمر بن الخطاب ، أنه انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه [ ص: 79 ] راجعون . فقيل له : مالك؟ فقال : انقطع شسعي، فساءني، وما ساءك فهو لك مصيبة .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «الأمل»، والديلمي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا اتخذ قبالا من حديد، فقال : "أما أنت أطلت الأمل ، إن أحدكم إذا انقطع شسعه، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون . كان عليه من ربه الصلاة والهدى والرحمة ، وذلك خير له من الدنيا" .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن عكرمة قال : طفئ سراج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "إنا لله وإنا إليه راجعون" . فقيل : يا رسول الله، أمصيبة هي ؟ قال : "نعم، وكل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر" .

وأخرج ابن أبي الدنيا ، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : بلغني أن المصباح طفئ، فاسترجع النبي صلى الله عليه وسلم، قال : "كل ما ساءك مصيبة" .

وأخرج الطبراني، وسمويه في «فوائده» ، عن أبي أمامة قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانقطع شسع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : "إنا لله وإنا إليه راجعون" . فقال له رجل : هذا الشسع ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنها مصيبة" .

وأخرج ابن السني في «عمل يوم وليلة»، عن أبي إدريس الخولاني قال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم يمشي هو وأصحابه إذ انقطع شسعه، فقال : "إنا لله وإنا إليه [ ص: 80 ] راجعون" . قالوا : أومصيبة هي ؟ قال : "نعم، كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة" .

وأخرج الديلمي عن عائشة قالت : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي هو وأصحابه وقد لدغته شوكة في إبهامه ، فجعل يسترجع منها ويمسحها ، فلما سمعت استرجاعه دنوت منه، فنظرت، فإذا أثر حقير ، فضحكت، فقلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي، أكل هذا الاسترجاع من أجل هذه الشوكة ؟ فتبسم، ثم ضرب على منكبي، فقال : "يا عائشة، إن الله عز وجل إذا أراد أن يجعل الصغير كبيرا جعله، وإذا أراد أن يجعل الكبير صغيرا جعله" .

وأخرج عبد بن حميد ، عن الحسن قال : إذا فاتتك صلاة في جماعة، فاسترجع فإنها مصيبة .

وأخرج عبد بن حميد عن سوار بن داود ، أن سعيد بن المسيب جاء وقد فاتته الصلاة في الجماعة ، فاسترجع حتى سمع صوته خارجا من المسجد .

وأخرج عبد الرزاق في «المصنف» ، وعبد بن حميد ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الصبر عند الصدمة الأولى، والعبرة لا يملكها ابن آدم ؛ صبابة المرء إلى أخيه" .

وأخرج ابن سعد ، عن خيثمة قال : لما جاء عبد الله بن مسعود نعي أخيه عتبة [ ص: 81 ] دمعت عيناه ، فقال : إن هذه رحمة جعلها الله ، لا يملكها ابن آدم .

وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة تبكي على صبي لها ، فقال لها : "اتقي الله واصبري" . فقالت : وما تبالي أنت بمصيبتي ! فلما ذهب قيل لها : إنه رسول الله . فأخذها مثل الموت ، فأتت بابه، فلم تجد عليه بوابين ، فقالت : لم أعرفك يا رسول الله . فقال : "إنما الصبر عند أول صدمة" .

وأخرج عبد بن حميد ، والترمذي ، وابن ماجه ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما مسلمين مضى لهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا حنثا، كانوا لهما حصنا حصينا من النار" . قال أبو ذر : مضى لي اثنان يا رسول الله قال : "واثنان" . قال أبو المنذر سيد القرأة : مضى لي واحد يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وواحد، وذلك في الصدمة الأولى" .

وأخرج عبد بن حميد ، عن كريب بن حسان قال : توفي رجل منا ، فوجد به أبوه أشد الوجد ، فقال له رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له حوشب : ألا [ ص: 82 ] أحدثكم بمثلها شهدتها من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له ، توفي ، فوجد به أبوه أشد الوجد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما فعل فلان؟" . قالوا : يا رسول الله، توفي ابنه الذي كان يختلف معه إليك . فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "يا فلان، أيسرك أن ابنك عندك كأجرى الغلمان جريا ؟ يا فلان، أيسرك أن ابنك عندك كأنشط الغلمان نشاطا ؟ يا فلان، أيسرك أن ابنك عندك كأجود الكهول كهلا ، أو يقال لك : ادخل الجنة ثواب ما أخذ منك؟" .

وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال : كان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه بني له ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : "أتحبه ؟" قال : يا رسول الله، أحبك الله كما أحبه . ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : "ما فعل ابن فلان ؟" قالوا : مات ، قال : فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : "أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة تستفتحه إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك؟" قالوا : يا رسول الله، أله وحده أم لكلنا ؟ قال : "بل لكلكم" .

وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "قال الله عز وجل : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم [ ص: 83 ] احتسبه، إلا الجنة" .

وأخرج مالك في «الموطأ»، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليست له خطيئة" .

وأخرج أحمد، والطبراني ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أثكل ثلاثة من صلبه، فاحتسبهم على الله، وجبت له الجنة" .

وأخرج البزار، والحاكم وصححه ، عن بريدة قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فبلغه أن امرأة من الأنصار مات ابن لها ، فجزعت عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه ، فلما دخل عليها، قال : "أما إنه قد بلغني أنك جزعت" . فقالت : ما لي لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد . فقال : "إنما الرقوب التي يعيش ولدها ، إنه لا يموت لامرأة مسلمة ثلاثة من الولد فتحتسبهم، إلا وجبت لها الجنة" . فقال عمر : واثنين ؟ قال : "واثنين" .

وأخرج مالك في «الموطأ» ، عن أبي النضر السلمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم، إلا كانوا له جنة [ ص: 84 ] من النار" . فقالت امرأة : أو اثنان ؟ قال : "أو اثنان" .

وأخرج أحمد، والبيهقي في «شعب الإيمان» ، عن جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم، دخل الجنة" . قلنا : يا رسول الله، واثنان؟ قال : "واثنان" .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة" . فقالت امرأة : واثنين؟ قال : "واثنين" .

وأخرج أحمد ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم" . فقالوا : يا رسول الله ، أو اثنان ؟ قال : "أو اثنان" . قالوا : أو واحد ؟ قال : "أو واحد" . ثم قال : "والذي نفسي بيده ، إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته" .

وأخرج الطبراني ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب، وجبت له الجنة" . فقالت أم أيمن : واثنين ؟ قال : [ ص: 85 ] واثنين . قالت : وواحد ؟ فسكت، ثم قال : "وواحد" .

وأخرج أحمد ، وابن قانع في «معجم الصحابة» ، وابن منده في «المعرفة»، عن حوشب الحميري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من مات له ولد فصبر واحتسب ، قيل له : ادخل الجنة بفضل ما أخذنا منك" .

وأخرج النسائي ، وابن حبان ، والطبراني ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن أبي سلمى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان ؛ لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والولد الصالح يتوفى للمؤمن فيحتسبه" .

وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء»، والبيهقي ، عن أنس قال : توفي ابن لعثمان بن مظعون، فاشتد حزنه عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "إن للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب ، أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك، آخذا بحجزتك، يشفع لك إلى ربك ؟" قال : بلى . قال المسلمون : [ ص: 86 ] يا رسول الله، ولنا في أفراطنا ما لعثمان؟ قال : "نعم ، لمن صبر منكم واحتسب" .

وأخرج النسائي، عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب، بثواب دون الجنة" .

وأخرج أبو نعيم في «الحلية»، عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "قسم الله العقل على ثلاثة أجزاء ، فمن كن فيه فهو العاقل، ومن لم يكن فيه فلا عقل له ؛ حسن المعرفة بالله، وحسن الطاعة لله، وحسن الصبر لله" .

وأخرج ابن سعد ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، أنه مات ابنه عبد الله ، فخرج وهو مترجل في ثياب حسنة ، فقيل له في ذلك ، فقال : قد وعدني الله على مصيبتي ثلاث خصال، كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها ؛ قال الله : الذين إذا أصابتهم مصيبة إلى قوله : المهتدون أفأستكين لها بعد هذا ؟!

التالي السابق


الخدمات العلمية