قوله تعالى :
كذلك يحيي الله الموتى الآية .
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ في “ العظمة “ عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قال : إن فتى من بني إسرائيل كان برا بوالدته وكان يقوم ثلث الليل يصلي
[ ص: 420 ] ويجلس عند رأس والدته ثلث الليل فيذكرها بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، ويقول : يا أمه إن كنت ضعفت عن قيام الليل فكبري الله وسبحيه وهلليه، فكان ذلك عملهما الدهر كله، فإذا أصبح أتى الجبل فاحتطب على ظهره، فيأتي به السوق فيبيعه بما شاء الله أن يبيعه فيتصدق بثلثه ويبقي لعبادته ثلثا، ويعطي الثلث أمه، وكانت أمه تأكل النصف وتتصدق بالنصف، فكان ذلك عملهما الدهر كله، فلما طال عليها قالت : يا بني، اعلم أني قد ورثت من أبيك بقرة، وختمت عنقها، وتركتها في البقر على اسم إله
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب . قالت : وسأبين لك ما لونها وهيئتها، فإذا أتيت البقر فادعها باسم إله
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب فإنها تفعل كما وعدتني . وقالت : علامتها أنها ليست بهرمة ولا الفتية غير أنها بينهما، وهي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها، وليست بالذلول ولا
[ ص: 421 ] صعبة تثير الأرض ولا تسقي الحرث، مسلمة لا شية فيها، ولونها واحد، فإذا رأيتها فخذ بعنقها؛ فإنها تتبعك بإذن إله إسرائيل .
فانطلق الفتى وحفظ وصية والدته، وسار في البرية يومين أو ثلاثا، حتى إذا كان صبيحة ذلك اليوم انصرف فصاح بها فقال : بإله
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إلا ما أتيتني فأقبلت البقرة عليه، وتركت الراعي فقامت بين يدي الفتى، فأخذ بعنقها فتكلمت
البقرة وقالت : يا أيها الفتى البر بوالدته اركبني، فإنه أهون عليك، قال الفتى : لم تأمرني والدتي أن أركب عليك ولكنها أمرتني أن أسوقك سوقا، فأحب أن أبلغ قولها، فقالت : بإله إسرائيل لو ركبتني ما كنت لتقدر علي، فانطلق يا أيها الفتى البر بوالدته، لو أنك أمرت هذا الجبل أن ينقلع لك من أصله، لانقلع؛ لبرك بوالدتك ولطاعتك إلهك . فانطلق حتى إذا كان على مسيرة يوم من منزله استقبله عدو الله إبليس، فتمثل له على صورة راع من رعاة البقر، فقال : يا أيها الفتى، من أين جئت بهذه البقرة؟ ألا تركبها فإني أراك قد أعييت أظنك لا تملك من الدنيا مالا غير هذه البقرة، فإني أعطيك الأجر، ينفعك ولا يضرها
[ ص: 422 ] فإني رجل من رعاة البقر اشتقت إلى أهلي، فأخذت ثورا من ثيراني، فحملت عليه طعامي وزادي، حتى إذا بلغت شطر الطريق أخذني وجع بطني، فذهبت لأقضي حاجتي، فعدا وسط الجبل وتركني، وأنا أطلبه ولست أقدر عليه، فأنا أخشى على نفسي الهلكة وليس معي زاد ولا ماء فإن رأيت أن تحملني على بقرتك فتبلغني مراعي وتنجيني من الموت وأعطيك أجرها بقرتين، قال الفتى : إن بني آدم ليس بالذي يقتلهم اليقين ويهلكهم أبقهم، فلو علم الله منك اليقين لبلغك بغير زاد ولا ماء، ولست براكب أمرا لم أومر به، إنما أنا عبد مأمور، ولو علم سيدي أني أعصيه في هذه البقرة لأهلكني وعاقبني عقوبة شديدة، وما أنا بمؤثر هواك على هوى سيدي، فانطلق يا أيها الرجل بسلام، فقال له إبليس : أعطيك بكل خطوة تخطوها إلى منزلي درهما، فذلك مال عظيم، وتفدي نفسي من الموت في هذه البقرة، فقال الفتى : إن سيدي له ذهب الأرض وفضتها، فإن أعطيتني شيئا منها علم أنه من ماله، ولكن أعطني من ذهب السماء وفضتها، فأقول : إنه ليس هذا من مالك .
[ ص: 423 ] فقال إبليس : وهل في السماء ذهب أو فضة؟ أو هل يقدر أحد على هذا؟ قال الفتى : أوهل يستطيع العبد بما لم يأمره به سيده كما لا تستطيع أنت ذهب السماء وفضتها، قال له إبليس : أراك أعجز العبيد في أمرك . قال له الفتى : إن العاجز من عصى ربه، قال له إبليس : ما لي لا أرى معك زادا ولا ماء؟ قال الفتى : زادي التقوى وطعامي الحشيش، وشرابي من عيون الجبال . قال إبليس : ألا آمرك بأمر يرشدك؟ قال الفتى : مر به نفسك فإني على رشاد إن شاء الله، قال له إبليس : ما أراك تقبل نصيحة . قال له الفتى : الناصح لنفسه من أطاع سيده وأدى الحق الذي عليه، فإن كنت شيطانا، فأعوذ بالله منك، وإن كنت آدميا، فاخرج فلا حاجة لي في صحابتك، فجمد إبليس عند ذلك ثلاث ساعات مكانه، ولو ركبها له إبليس ما كان الفتى يقدر عليها، ولكن الله حبسه عنها، فبينما الفتى يمشي، إذ طار طائر من بين يديه، فاختلس البقرة ودعاها الفتى وقال : بإله
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إلا ما آتيتني فأقبلت البقرة إليه، وقامت بين يديه، فقالت : يا أيها الفتى ألم تر إلى ذلك الطائر الذي طار من بين يديك، فإنه إبليس عدو الله، اختلسني، فلما ناديتني بإله إسرائيل، جاء ملك من الملائكة فانتزعني منه، فردني إليك، لبرك
[ ص: 424 ] بوالدتك وطاعتك إلهك، فانطلق فلست ببارحتك حتى تأتي أهلك، إن شاء الله، قال : فدخل الفتى إلى أمه يخبرها الخبر فقالت : يا بني إني أراك تحطب على ظهرك بالليل والنهار فتشخص، فاذهب بهذه البقرة، فبعها وخذ ثمنها فتقو به، وودع به نفسك، قال الفتى : بكم أبيعها؟ قالت : بثلاثة دنانير على رضا مني، فانطلق الفتى إلى السوق فبعث الله إليه ملكا من الملائكة ليري خلقه قدرته فقال للفتى : بكم تبيع هذه البقرة أيها الفتى؟ فقال : أبيعها بثلاثة دنانير على رضا من والدتي، قال : لك ستة دنانير ولا تستأمر والدتك، فقال : لو أعطيتني زنتها لم أبعها حتى أستأمرها فخرج الفتى فأخبر والدته الخبر فقالت : بعها بستة دنانير على رضا مني، فانطلق الفتى وأتاه الملك فقال : ما فعلت؟ فقال : أبيعها بستة دنانير على رضا من والدتي، قال : فخذ اثني عشر دينارا ولا تستأمرها، قال : لا .
[ ص: 425 ] فانطلق الفتى إلى أمه فقالت : يا بني إن الذي يأتيك ملك من الملائكة في صورة آدمي، فإذا أتاك فقل له : إن والدتي تقرأ عليك السلام وتقول : بكم تأمرني أن أبيع هذه البقرة، قال له الملك : يا أيها الفتى يشتري بقرتك هذه
موسى بن عمران لقتيل يقتل من بني إسرائيل وله مال كثير، ولم يترك أبوه ولدا غيره، وله أخ له بنون كثيرون فيقولون : كيف لنا أن نقتل هذا الغلام ونأخذ ماله؟ فدعوا الغلام إلى منزلهم، فقتلوه فطرحوه إلى جانب دارهم، فأصبح أهل الدار فأخرجوا الغلام إلى باب الدار، وجاء بنو عم الغلام فأخذوا أهل الدار، فانطلقوا بهم إلى
موسى فلم يدر
موسى كيف يحكم بينهم من أجل أن أهل الدار برآء من الغلام، فشق ذلك على
موسى فدعا ربه فأوحى الله إليه : أن خذ بقرة صفراء فاقعا لونها فاذبحها، ثم اضرب الغلام ببعضها، فعمدوا إلى بقرة الفتى فاشتروها على أن يملؤوا جلدها دنانير، ثم ذبحوها ثم ضربوا الغلام ببعضها فقام يخبرهم، فقال : إن بني عمي قتلوني، وأهل الدار مني برآء فأخذهم موسى فقالوا : يا
موسى أتتخذنا هزوا، قد قتل ابن عمنا مظلوما . قد علموا أن سيفتضحوا، فعمدوا إلى جلد البقرة، فملئوه دنانير ثم دفعوه إلى الفتى فعمد الفتى إلى الثلثين فتصدق على
[ ص: 426 ] فقراء بني إسرائيل وتقوى بالثلث و
كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون .